3- ومع ذلك ترك الكافرون عبادته ، واتخذوا آلهة يعبدونها من دون الله من أصنام وكواكب وأشخاص وهم لا يستطيعون أن يخلقوا شيئاً ما ، وهم مخلوقون لله ، ولا يملكون دفع الضر عن أنفسهم ولا جلب خير لها ، ولا يملكون إماتة أحد ولا إحياءه ، ولا بعث الأموات من قبورهم ، وكل من لا يملك شيئاً من ذلك لا يستحق أن يعبد ، وما أجهل من يعبده ، والمستحق للعبادة وحده هو مالك كل هذا .
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أن المشركين لم يفطنوا إلى ما اشتمل عليه هذا الكون من تنظيم دقيق ، ومن صنع حكيم يدل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، بل إنهم - لانطماس بصائرهم - عبدوا مخلوقا مثلهم فقال - تعالى - : { واتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ . . } .
والضمير فى قوله { واتخذوا . . } يعود على المشركين المفهوم من قوله { وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } أو من المقام .
أى : واتخذ هؤلاء المشركون معبودات باطلة يعبدونها من دون الله - عز وجل - ، وهذه المعبودات لا تقدر على خلق شىء من الأشياء ، بل هى من مخلوقات الله - تعالى - .
وعبر هن هذه الآية بمضير العقلاء فى قوله { لاَّ يَخْلُقُونَ } جريا على اعتقاد الكفار أنها تضر وتنفع ، أو لأن من بين من اتخذوهم آلهة بعض العقلاء كالمسيح والعزير والملائكة . . . .
وأيضا هؤلاء الذين اتخذهم المشركون آلهة : { لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ } فضلا عن غيرهم { ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } فهم لا يملكون دفع الضر عن أنفسهم ، ولا جلب النفع لذواتهم { وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً } أى : ولا يقدرون على إماتة الأحياء . ولا على إحياء الموتى فى الدنيا ، ولا على بعثهم ونشرهم فى الآخرة .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف تلك الآلهة المزعومة بسبع صفات ، كل صفة منها كفيلة بسلب صفة الألوهية عنها ، فكيف وقد اجتمعت هذه الصفات السبع فيها ؟ ! !
إن كل من يشرك مع الله - تعالى - أحدا فى العبادة . لو تدبر هذه الآية وأمثالها من آيات القرآن الكريم لأيقن واعتقد أن المستحق للعبادة والطاعة إنما هو الله رب العالمين .
يخبر تعالى عن جهل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، الخالق لكل شيء ، المالك لأزمَّة الأمور ، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . ومع هذا عَبَدُوا معه من الأصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضة ، بل هم مخلوقون ، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، فكيف يملكون لعابديهم ؟ { وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا } أي : ليس لهم من ذلك شيء ، بل ذلك مرجعه كله إلى الله عز وجل ، الذي هو يحيي ويميت ، وهو الذي يعيد الخلائق يوم القيامة أولهم وآخرهم ، { مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] ، { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] ، { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } [ النازعات : 13 ، 14 ] ، { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ } [ الصافات : 19 ] ، { إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } [ يس : 53 ] . فهو الله الذي لا إله غيره ولا رب سواه ، ولا تنبغي العبادة إلا له ؛ لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . وهو الذي لا ولد له ولا والد ، ولا عديل ولا نديد ولا وزير ولا نظير ، بل هو الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.