فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ لَّا يَخۡلُقُونَ شَيۡـٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ وَلَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا وَلَا يَمۡلِكُونَ مَوۡتٗا وَلَا حَيَوٰةٗ وَلَا نُشُورٗا} (3)

ثم صرح سبحانه في تزييف مذاهب عبدة الأوثان فقال :

{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ } الضمير للكفار ، أو المنذرين أو للمشركين ، وإن لم يتقدم لهم ذكر لدلالة العالمين ، ونفي الشريك ، والنذير عليهم أي اتخذ المشركون لأنفسهم متجاوزين الله { آلِهَةً } قال قتادة : هي الأوثان التي تعبد من دون الله { لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا } أي لا يقدرون على خلق شيء من الأشياء وغلب العقلاء على غيرهم لأن في معبودات الكفار الملائكة وعزيرا والمسيح .

{ وَهُمْ يُخْلَقُونَ } أي يخلقهم الله سبحانه قال قتادة : أي هو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ، وقيل عبر عن الآلهة بضمير العقلاء جريا على اعتقاد الكفار أنها تضر وتنفع ، وقيل المعنى عبدتهم يصورنهم وينحتونهم ، ثم لما وصف سبحانه نفسه الكريمة بالقدرة الباهرة وصف الآلهة المشركين بالعجز البالغ فقال :

{ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا } أي لا يقدرون على أن يجلبوا لأنفسهم نفعا ولا يدفعوا عنها ضررا ، وقدم ذكر الضر لأن دفعه أهم من جلب النفع ، وإذا كانوا بحيث لا يقدرون على الدفع والنفع فيما يتعلق بأنفسهم فكيف يملكون ذلك لمن يعبدهم وهذا يدل على غاية عجزهم ، ونهاية ضعفهم ، ثم زاد في بيان عجزهم فنص على هذه الأمور فقال :

{ وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا } أي لا يقدرون على إماتة الأحياء ، ولا إحياء الموتى ، ولا بعثهم من القبور ، لأن النشور هو الإحياء بعد الموت ، يقال : أنشر الله الموتى ، فنشروا . وقدم الموت لمناسبته للضر المتقدم .