الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ لَّا يَخۡلُقُونَ شَيۡـٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ وَلَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا وَلَا يَمۡلِكُونَ مَوۡتٗا وَلَا حَيَوٰةٗ وَلَا نُشُورٗا} (3)

قوله : { وَاتَّخَذُواْ } : يجوزُ أَنْ يعودَ الضميرُ على الكفارِ الذينُ يَضُمُّهم لَفْظُ " العالمين " ، وأن يعودَ على مَنْ ادَّعَى للهِ شريكاً وَولداً لدلالةِ قولِه : { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } ، وأنْ يعودَ على المُنْذَرين لدلالة " نذيراً " عليهم .

قوله : { لاَّ يَخْلُقُونَ } صفةٌ ل " آلهةً " ، وغَلَّبَ العقلاءَ على غيرَهم ؛ لأنَّ الكفارَ/ كانوا يَعْبُدون العقلاءَ كعُزَيْرٍِ والمسيح والملائكةِ وغيرِهم كالكواكبِ والأصنامِ . ومعنى " لا يَخْلُقُون " لا يَقْدِرُوْن على التقدير ، والخَلْقُ يُوْصَفُ به العبادُ . قال زهير :

وَلأَنْتَ تَفْري ما خَلَقْتَ وبَعْ *** ضُ القوم يَخْلُقُ ثم لا يَفْري

ويقال : خَلَقْتُ الأَديمَ أي : قدَّرْتُه . هذا إذا أُريد بالخَلْقِ التقديرُ . فإنْ أُريد به الإِيجادُ فلا يُوْصَفُ به غير الباري تعالى وقد تقدَّم . وقيل : بمعنى يَخْتَلِقون ، كقوله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } [ العنكبوت : 17 ] .