المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

47- إلى الله - وحده - يرجع علم قيام الساعة ، وما تخرج من ثمرات من أوعيتها ، وما تحمل من أنثى ولا تضع حملها إلا كان هذا مقترناً بعلمه ، واذكر يوم ينادى الله المشركين - توبيخاً لهم - : أين شركائي الذين كنتم تدعونهم من دوني ؟ قالوا - معتذرين - : نُعْلمك - يا الله - ليس منا من يشهد أن لك شريكاً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

ثم بين - سبحانه - فى أواخر هذه السورة الكريمة ، أن علم قيام الساعة إليه - تعالى - وحده ، وأن الإِنسان لا يسأم من طلب المزيد من الخير فإذا مسه الشر يئس وقنط . وأن حكمته - تعالى - قد اقتضت أن يقيم للناس الأدلة على قدرته ووحدانيته من أنفسهم وعن طريق هذا الكون الذى يعيشون فيه فقال - تعالى - :

{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة وَمَا تَخْرُجُ . . . } .

قوله - تعالى - : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ . . } بيان لانفراد الخالق - عز وجل - بوقت قيام الساعة ، وبإحاطة علمه - تعالى - بكل شئ ، وإرشاد للمؤمنين إلى ما يقولونه إذا ما سئلوا عن ذلك .

والأكمام : جمع كم - بكسر الكاف - وهو الوعاء الذى تكون الثمرة بداخله .

أى : إلى الله - تعالى - وحده مرجع علم قيام الساعة ، وما تخرج ثمرات من أوعيتها الكائنة بداخلها ، وما تحمل من أنثى حملا ولا تضعه إلا بعلمه وإرادته - عز وجل - و " من " فى قوله { مِن ثَمَرَاتٍ } وفى قوله { مِنْ أنثى } مزيد لتأكيد الاستغراق . وفى قوله { مِّنْ أَكْمَامِهَا } ابتدائية .

قال الجمل : " فإن قلت : قد يقول الرجل الصالح قولا فيصيب فيه ، وكذلك الكهان والمنجمون .

قلت : أما قول الرجل الصالح فهو من إلهام الله ، فكان من عمله - تعالى - الذى يرد إليه ، وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم فى شئ ما يقولونه ألبتة ، وإنما غايته ادعاء ظن ضعيف قد لا يصيب . وعلم الله - تعالى - هو العلم اليقين المقطوع به الذى لا يشركه فيه أحد .

ثم بين - سبحانه - تبرُّأ المشركين من آلهتهم يوم القيامة فقالك { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قالوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ . وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } .

والظرف " يوم " منصوب بفعل مقدر ، ومعنى " آذناك " أعلمناك وأخبرناك ، آذان فلان غيره يؤذنه ، إذا أعلمه بما يريد إعلامه به .

والنداء والسؤال إنما لتوبيخهم والتهكم بهم فى هذا الموقف العظيم .

والظن هنا بمعنى اليقين .

أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ يوم ينادى الله - تعالى - المشركين فيقول لهم يوم القيامة : أين شركائى الذين كنتم تعبدون من دونى ليقربوكم إلى أو ليشفعوا لكم عندى ؟

{ قالوا } على سبيل التحسر والتذلل : يا ربنا لقد { آذَنَّاكَ } أى : لقد أعلمناك بأنه مامنا أحد يشهد بأن لك شريكا ، فقد انكشفت عنا الحجب ، واعترفنا بأنك أنت الواحد القهار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞إِلَيۡهِ يُرَدُّ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِۚ وَمَا تَخۡرُجُ مِن ثَمَرَٰتٖ مِّنۡ أَكۡمَامِهَا وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ أَيۡنَ شُرَكَآءِي قَالُوٓاْ ءَاذَنَّـٰكَ مَامِنَّا مِن شَهِيدٖ} (47)

ثم قال : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ } أي : لا يعلم ذلك أحد سواه ، كما قال صلى الله عليه وسلم ، وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة - حين سأله عن الساعة ، فقال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ، وكما{[25751]} قال تعالى : { إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا } [ النازعات : 44 ] ، وقال { لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ } [ الأعراف : 187 ] .

وقوله : { وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ } أي : الجميع بعلمه ، لا يعزب عن علمه{[25752]} مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وقد قال تعالى : { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا } [ الأنعام : 59 ] ، وقال جلت عظمته : { يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ } [ الرعد : 8 ] ، وقال { وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [ فاطر : 11 ] .

وقوله : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي } أي : يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق : أين شركائي الذين عبدتموهم معي ؟ { قَالُوا آذَنَّاكَ } أي : أعلمناك ، { مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ } أي : ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكا .


[25751]:- (1) في ت: "ولهذا".
[25752]:- (2) في ت: "عمله".