المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

9 - إذا كان هذا حالنا معك ، فأما اليتيم فلا تذله ، وأما السائل فلا ترده بقسوة ، وأما بنعمة ربك فحدِّث شكراً لله وإظهاراً للنعمة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

وقوله - تعالى - : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } والتحديث بالشئ : الإِخبار به ، والحديث عنه ، أى : وكما كنت عائلا فأغنيناك بفضلنا وإحساننا ، فاشكرنا على ذلك ، بأن تظهر نعمنا عليك ولا تسترها ، وأذعها بين الناس ، وأمر أتباعك أن يفعلوا ذلك ، ولكن بدون تفاخر أو مباهاة . . فإن ذكر النعم على سبيل الرياء والتفاخر والتطاول على الغير . . يبغضه الله - تعالى - ، ويعاقب صاحبه عقابا أليما .

قال الإِمام ابن كثير : وقوله : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } أى : وكما كنت عائلا فقيرا فأغناك الله ، فحدث بنعمة الله عليك ، كما جاء فى الدعاء : " واجعلنا شاكرين لنعمتك ، مثنين بها ، قابليها ، وأتمها علينا " وعن أبى نضرة قال : كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يُحَدِّث بها . وعن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : " من لم يشكر القليل ، لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس ، لم يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر ، والجامعة رحمة والفرقة عذاب . . "

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد ذكر ثلاث نعم مما أنعم به على نبيه صلى الله عليه وسلم وأرشده إلى كيفية شكرها . نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من عباده المشركين .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

وأما التحدث بنعمة الله - وبخاصة نعمة الهدى والإيمان - فهو صورة من صور الشكر للمنعم . يكملها البر بعباده ، وهو المظهر العملي للشكر ، والحديث الصامت النافع الكريم . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

وأما بنعمة ربك فحدث فإن التحدث بها شكرها وقيل المراد بالنعمة النبوة والتحديث بها تبليغها .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة والضحى جعله الله سبحانه وتعالى فيمن يرضى لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يشفع له وعشر حسنات يكتبها الله سبحانه وتعالى بعدد كل يتيم وسائل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

وقوله : { وأما بنعمة ربك فحدث } مقابل قوله : { ووجدك عائلاً فأغنى } [ الصحى : 8 ] .

فإن الإغناء نعمة فأمره الله أن يظهر نعمة الله عليه بالحديث عنها وإعلان شكرها .

وليس المراد بنعمة ربك نعمة خاصة وإنما أريد الجنس فيفيد عموماً في المقام الخطابي ، أي حدث ما أنعم الله به عليك من النعم ، فحصل في ذلك الأمر شكر نِعمة الإِغناء ، وحصل الأمر بشكر جميع النعم لتكون الجملة تذييلاً جامعاً .

فإن جعل قوله : { وأما السائل فلا تنهر } مقابل قوله { ووجدك عائلاً فأغنى } على طريقة اللف والنشر المشوش كان قوله : { وأما بنعمة ربك فحدث } مقابل قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] على طريقة اللف والنشر المشوش أيضاً .

وكان المراد بنعمة ربه نعمة الهداية إلى الدين الحق .

والتحديث : الإِخبار ، أي أخْبِر بما أنعم الله عليك اعترافاً بفضله ، وذلك من الشكر ، والقول في تقديم المجرور وهو { بنعمة ربك } على متعلَّقه كالقول في تقديم { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر } .

والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم فمقتضى الأمر في المواضع الثلاثة أن تكون خاصة به ، وأصل الأمر الوجوب ، فيعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم واجب عليه ما أمر به ، وأما مخاطبة أمته بذلك فتجري على أصل مساواة الأمة لنبيها فيما فرض عليه ما لم يدلّ دليل على الخصوصية ، فأما مساواة الأمة له في منع قهر اليتيم ونهر السائل فدلائله كثيرة مع ما يقتضيه أصل المساواة .

وأما مساواة الأمة له في الأمر بالتحدث بنعمة الله فإن نعم الله على نبيه صلى الله عليه وسلم شتّى منها ما لا مطمع لغيره من الأمة فيه مثل نعمة الرسالة ونعمة القرآن ونحو ذلك من مقتضيات الاصطفاء الأكبر ، ونعمة الرب في الآية مُجملة .

فنعم الله التي أنعم بها على نبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما يجب تحديثه به وهو تبليغه الناس أنه رسول من الله وأن الله أوحى إليه وذلك داخل في تبليغ الرسالة وقد كان يُعلم الناسَ الإِسلام فيقول لمن يخاطبه أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله .

ومنها تعريفه الناس ما يجب له من البر والطاعة كقوله لمن قال له : " اعدل يا رسول الله فقال : أيأمنُني الله على وحيه ولا تأمنوني " ومنها ما يدخل التحديث به في واجب الشكر على النعمة فهذا وجوبه على النبي صلى الله عليه وسلم خالص من عُروض المعارض لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من عروض الرياء ولا يظن الناس به ذلك فوجوبه عليه ثابت .

وأما الأمة فقد يكون التحديث بالنعمة منهم محفوفاً برياء أو تفاخر . وقد ينكسر له خاطر من هو غير واجد مثل النعمة المتحدث بها . وهذا مجال للنظر في المعارضة بين المقتضي والمانع ، وطريقة الجمع بينهما إن أمكن أو الترجيح لأحدهما . وفي « تفسير الفخر » : سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن الصحابة فأثنى عليهم فقالوا له : فحدثنا عن نفسك فقال : مهلاً فقد نهى الله عن التزكية ، فقيل له : أليس الله تعالى يقول : { وأما بنعمة ربك فحدث } فقال : فإني أُحدِّث كنتُ إذا سُئلتُ أعطيت . وإذا سُكِت ابتديت ، وبين الجوانح علم جَم فاسألوني . فمن العلماء من خَص النعمة في قوله : { بنعمة ربك } بنعمة القرآن ونعمة النبوءة وقاله مجاهد . ومن العلماء من رأى وجوب التحدث بالنعمة . رواه الطبري عن أبي نضرة{[451]} .

وقال القرطبي : الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم والحكم عام له ولغيره . قال عياض في « الشفاء » : « وهذا خاص له عام لأمته » .

وعن عَمرو بن ميمون{[452]} : إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به يقول له رزق الله من الصلاة البارحةَ كذا وكذا ، وعن عبد الله بن غالب{[453]} : أنه كان إذا أصبح يقول : لقد رزقني الله البارحةَ كَذا ، قرأتُ كذا ، صليت كذا ، ذكرت الله كذا ، فقلنا له : يا أبا فراس إن مثلك لا يقول هذا ، قال : يقول الله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث } وتقولون أنتم : لا تحدث بنعمة الله . وذكر ابن العربي عن أيوب قال : دخلت على أبي رجاء العطاردي فقال : لقد رزق الله البارحة : صليت كذا ، وسبحت كذا ، قال أيوب : فاحتملت ذلك لأبي رجاء . وعن بعض السلف أن التحدث بالنعمة تكون للثقة من الإخوان ممن يثق به قال ابن العربي : إن التحدث بالعمل يكون بإخلاص من النية عند أهل الثقة فإنه ربما خرج إلى الرياء وإسَاءة الظن بصاحبه . وذكر الفخر والقرطبي عن الحسن بن علي : إذا أصبتَ خيراً أوعملتَ خيراً فحدث به الثقة من إخوانك . قال الفخر : إلا أن هذا إنما يحسن إذا لم يتضمن رياء وظن أن غيره يقتدي به .


[451]:- أبو نضرة المنذرين مالك العبدي البصري من صغار التابعين توفي سنة 108.
[452]:- كذا قال القرطبي فيحتمل أنه عمرو بن ميمون الرقي المتوفى سنة 145 ويحتمل أنه الأودي المتوفى سنة 74.
[453]:- وصفه ابن عطية ببعض الصالحين ولعله عبد الله بن غالب الحداني البصري العابد توفي سنة 83.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني: اشكر الله على ما ذكر في هذه السورة ، وما صنع الله عز وجل بك من الخير ، إذ قال : ألم تكن كذا ، ففعلت بك كذا ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"أمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ" : يقول : فاذكره ... عن مجاهد ، في قوله : "وَأمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ" قال : بالنبوّة ...

عن أبي نضرة ، قال : كان المسلمون يرون أن من شُكْرِ النعم أن يحدّثَ بها .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يقول : حدثهم بنعم الله تعالى التي أنعم الله عليك ، وهو هذا القرآن ، إذ القرآن من أعظم ما أنعم الله عليه ، فأمره بالتحدث بما عليه من النعم ليعرفوا عظيم ما أنعم الله عليه من الاختصاص لهم حين جعلهم من أمته ومن قومه ، أو أمره أن يقرأه ، ويحدث بما فيه ...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

وحكم الآية [ عام ] في جميع الإنعام ....

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

في هذه النعمة ثلاثة تأويلات :

أحدها : النبوة ، قاله ابن شجرة ، ويكون تأويل قوله فحدث أي ادعُ قومك .

الثاني : أنه القرآن ، قاله مجاهد ، ويكون قوله : فحدث أي فبلّغ أمتك ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

التحديث بنعمة الله : شكرها وإشاعتها ، يريد : ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وأما بنعمة ربك }... أي فاذكر النبوة وبلغ الرسالة فاذكر جميع نعمه عليك فإنها نعم على الخلق كافة.... ..

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وأما التحدث بنعمة الله - وبخاصة نعمة الهدى والإيمان - فهو صورة من صور الشكر للمنعم . يكملها البر بعباده ، وهو المظهر العملي للشكر ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقوله : { وأما بنعمة ربك فحدث } مقابل قوله : { ووجدك عائلاً فأغنى } [ الضحى : 8 ] .

فإن الإغناء نعمة فأمره الله أن يظهر نعمة الله عليه بالحديث عنها وإعلان شكرها .

وليس المراد بنعمة ربك نعمة خاصة وإنما أريد الجنس فيفيد عموماً في المقام الخطابي ، أي حدث ما أنعم الله به عليك من النعم ، فحصل في ذلك الأمر شكر نِعمة الإِغناء ، وحصل الأمر بشكر جميع النعم لتكون الجملة تذييلاً جامعاً .

فإن جعل قوله : { وأما السائل فلا تنهر } مقابل قوله { ووجدك عائلاً فأغنى } على طريقة اللف والنشر المشوش، كان قوله : { وأما بنعمة ربك فحدث } مقابل قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] على طريقة اللف والنشر المشوش أيضاً .

وكان المراد بنعمة ربه نعمة الهداية إلى الدين الحق .

والتحديث : الإِخبار ، أي أخْبِر بما أنعم الله عليك اعترافاً بفضله ، وذلك من الشكر ، والقول في تقديم المجرور وهو { بنعمة ربك } على متعلَّقه كالقول في تقديم { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر } .

والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم فمقتضى الأمر في المواضع الثلاثة أن تكون خاصة به ، وأصل الأمر الوجوب ، فيعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم واجب عليه ما أمر به ، وأما مخاطبة أمته بذلك فتجري على أصل مساواة الأمة لنبيها فيما فرض عليه ما لم يدلّ دليل على الخصوصية ، فأما مساواة الأمة له في منع قهر اليتيم ونهر السائل فدلائله كثيرة مع ما يقتضيه أصل المساواة .

وأما مساواة الأمة له في الأمر بالتحدث بنعمة الله، فإن نعم الله على نبيه صلى الله عليه وسلم شتّى، منها ما لا مطمع لغيره من الأمة فيه، مثل نعمة الرسالة ونعمة القرآن ونحو ذلك من مقتضيات الاصطفاء الأكبر ، ونعمة الرب في الآية مُجملة .

فنعم الله التي أنعم بها على نبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما يجب تحديثه به وهو تبليغه الناس أنه رسول من الله وأن الله أوحى إليه وذلك داخل في تبليغ الرسالة وقد كان يُعلم الناسَ الإِسلام فيقول لمن يخاطبه أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله .

ومنها تعريفه الناس ما يجب له من البر والطاعة كقوله لمن قال له : " اعدل يا رسول الله فقال : أيأمنُني الله على وحيه ولا تأمنوني " ومنها ما يدخل التحديث به في واجب الشكر على النعمة فهذا وجوبه على النبي صلى الله عليه وسلم خالص من عُروض المعارض لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من عروض الرياء ولا يظن الناس به ذلك فوجوبه عليه ثابت .

وأما الأمة فقد يكون التحديث بالنعمة منهم محفوفاً برياء أو تفاخر . وقد ينكسر له خاطر من هو غير واجد مثل النعمة المتحدث بها . وهذا مجال للنظر في المعارضة بين المقتضي والمانع ، وطريقة الجمع بينهما إن أمكن أو الترجيح لأحدهما ...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 9]

وختمت هذه السورة الكريمة بالدعوة إلى كفالة اليتيم والإحسان إليه ، وإكرام السائل والعطف عليه ، والتحدث بنعم الله التي أنعم بها على رسوله والمؤمنين ، وعلى رأسها نعمة الإيمان والإسلام ، والذكر الحكيم الذي أنزله الله رحمة للعالمين ، وذلك قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر9 } ، أي : اكفله وقربه وأصلح أمره ، { وأمّا السائل فلا تنهر10 } ، أي : إما أن تعطيه مما أعطاك الله ، أو تعده ، أو ترده ردا جميلا بكلمة طيبة، ويندرج تحت هذه الآية السائل عن دينه من أجل البيان والمعرفة . { وأما بنعمة ربك فحدث11 } ، أي : اشكر إحسان الله إليك وإنعامه عليك ، بالجوارح واللسان والجنان .