الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ} (11)

التحديث بنعمة الله : شكرها وإشاعتها ، يريد : ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك . وعن مجاهد : بالقرآن ، فحدّث : أقرئه ، وبلغ ما أرسلت به . وعن عبد الله بن غالب أنه كان إذا أصبح يقول : رزقني الله البارحة خيراً : قرأت كذا وصليت كذا ، فإذا قيل له : يا أبا فراس مثلك يقول مثل هذا ؟ قال : يقول الله تعالى : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ } وأنتم تقولون : لا تحدث بنعمة الله . وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد به اللطف ، وأن يقتدي به غيره ، وأمن على نفسه الفتنة . والستر أفضل . ولو لم يكن فيه إلاّ التشبه بأهل الرياء والسمعة : لكفي به . وفي قراءة علي رضي الله عنه : «فخبر » والمعنى : أنك كنت يتيماً ، وضالاً وعائلاً ، فآواك الله ، وهداك : وأغناك ؛ فمهما يكن من شيء وعلى ما خيلت فلا تنس نعمة الله عليك في هذه الثلاث . واقتد بالله ، فتعطف على اليتيم وآوه ، فقد ذقت اليتم وهوانه ، ورأيت كيف فعل الله بك ؛ وترحم على السائل وتفقده بمعروفك ولا تزجره عن بابك ، كما رحمك ربك فأغناك بعد الفقر ؛ وحدّث بنعمة الله كلها ، ويدخل تحته هدايته الضلال ، وتعليمه الشرائع والقرآن ، مقتدياً بالله في أن هداه من الضلال .

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الضحى جعله الله فيمن يرضى لمحمد أن يشفع له وعشر حسنات يكتبها الله له بعدد كل يتيم وسائل " .