وقوله - سبحانه - { الله الصمد } أي : الله - تعالى - هو الذى يَصْمدُ إليه الخلق فى حوائجهم ، ويقصدونه وحده بالسؤال والطلب . . مأخوذ من قولهم : صمد فلان إلى فلان . بمعنى توجه إليه بطلب العون والمساعدة .
قال صاحب الكشاف : والصمد فعل بمعنى مفعول ، من صمد إليه إذا قصده ، وهو - سبحانه - المصمود إليه فى الحوائج ، والمعنى : هو الله الذى تعرفونه وتقرون بأنه خالق السموات والأرض ، وخالقكم ، وهو واحد متوحد بالإِلهية لا يشارك فيها ، وهو الذى يصمد إليه كل مخلوق ، لا يستغنون عنه ، وهو الغنى عنهم . .
وجاء لفظ " الصمد " محلى بأل ، لإِفادة الحصر فى الواقع ونفس الأمر ، فإن قصد الخلق إليه - سبحانه - فى الحوائج ، أعم من القصد الإِرادى ، والقصد الطبيعى ، والقصد بحسب الاستعداد الأصلى ، الثابت لجميع المخلوقات ؛ إذ الكل متجه إليه - تعالى - طوعا وكرها .
ومعنى أن الله أحد : أنه الصمد . وأنه لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . . ولكن القرآن يذكر هذه التفريعات لزيادة التقرير والإيضاح :
( الله الصمد ) . . ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله - سبحانه - هو السيد الذي لا سيد غيره ، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات ، المجيب وحده لأصحاب الحاجات . وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه ، ولا يقضي أحد معه . . وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد .
{ الله الصمد } السيد المصمود إليه في الحوائج ، من صمد إليه إذا قصد ، وهو الموصوف به على الإطلاق ، فإنه يستغني عن غيره مطلقا ، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته ، وتكرير لفظة الله للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية ، وإخلاء الجملة عن العاطف ؛ لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها .
و{ الصمد } في كلام العرب السيد الذي يصمد إليه في الأمور ، ويستقل بها ، وأنشدوا : [ الطويل ]
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد{[4]}
وبهذا تفسر هذه الآية ؛ لأن الله جلت قدرته هو موجود الموجودات ، وإليه تصمد ، وبه قوامها ، ولا َغِنَّي بنفسه إلا هو تبارك وتعالى . وقال كثير من المفسرين : { الصمد } الذي لا جوف له ، كأنه بمعنى المصمت ، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، وفي هذا التفسير كله نظر ؛ لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى . فما الذي تعطينا هذه العبارات ، و { الله الصمد } ابتداء وخبر ، وقيل : { الصمد } نعت ، والخبر فيما بعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.