74- إن المنافقين يحلفون أمامك - أيها الرسول - باللَّه أنهم ما قالوا منكرا مما بلغك عنهم ، وهم كاذبون في الإنكار ، حانثون في اليمين ، وإنهم قد قالوا كلمة الكفر ، وظهر كفرهم بعد أن كان باطنا ، وما كان سبب نقمتهم عليك إلا بطرا بالنعمة ، بعد أن أغناهم اللَّه ورسوله بما حصلوا عليه من الغنائم التي شاركوا فيها المسلمين ، فإن يرجعوا إلى اللَّه بترك النفاق والندم على ما كان منهم يقبل اللَّه توبتهم ويكون ذلك خيراً لهم ، وإن يعرضوا عن الإيمان يعذبهم اللَّه في الدنيا بمختلف ألوان البلاء ، وفي الآخرة بنار جهنم ، وليس لهم في الأرض من يُدافع عنهم أو يشفع لهم ، أو ينصرهم .
ثم بين - سبحانه - ما كان عليه المنافقون من كذب وفجور ، ومن خيانة وغدر ، وفتح أمامهم باب التوبة ، وأنذرهم بالعذاب الأليم إذا ما استمروا في نفاقهم فقال - سبحانه - : { يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ . . . } .
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها : ما رواه ابن جرير عن هشام بن عروة عن أبيه قال : " نزلت هذه الآية : { يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ } . الآية في الجلاس بن سويد بن الصامت . أقبل هو ابن امرأته مصعب من قباء . فال الجلاس : إن كان ما يقول محمد حقا لنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها ! !
فقال مصعب : أما والله يا عدو الله لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قلت : قال مصعب : فأتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - وخشيت أن ينزل في القرآن أو تصيبنى قارعة . . فقلت يا رسول الله : أقبلت أنا والجلاس من قباء . فقال كذا وكذا ، ولولا مخافة أن أخلط بخطيئة أو تصيبنى قارعة ما أخبرتك .
قال مصعب : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجلاس فقال له : أقلت الذي قال مصعب ؟ فحلف الجلاس بأنه ما قال ذلك . فأنزل الله الآية " .
وأخرج ابن اسحاق وابن أبى حاتم عن كعب بن مالك قال : لما نزل القرآن وفيه ذكر المنافقين قال الجلاس بن سويد : والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير . فسمعه عمير بن عسد فقال : والله لا جلاس إنك لأحب الناس إلى . وأحسنهم عندى أثراً . ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك ، ولئن سكت عنها هلكت ، ولإِحداهما أشد عن الأخرى .
فمشى عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - الجلاس عما قاله عمير ، فحلف بالله ما قال ذلك ، وزعم أن عميرا كذب عليه فنزلت هذه الآية .
وقال الإِمام أحمد : " حدثنا يزيد أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبى الطفيل . قال : لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك أمر مناديه فنادى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ طريق العقبة - وهو مكان مرتفع ضيق - فلا يأخذها أحد .
قال : فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقود ركابه حذيفة ويسوقه عمار ، إذا أقيل رهط ملثمون على الرواحل ، فغشوا عماراً وهو يسوق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحذيفة : " قد ، قد " . أى حسبك حسبك . حتى هبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع عمار .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عمار " هل عرفت القوم " ؟ فقال : لقد عرفت عام الرواحل والقوم متلثمون . قال : " هل تدرى ما أرادوا " ؟ قال : الله ورسوله اعلم . قال : " أرادوا أن ينفورا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - راحلته فيطرحوه " " .
هذه بعض الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية وهى تكشف عن كذب المنافقين وغدرهم .
وقوله . سبحانه : { يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ . . . } استئناف مسوق لبيان جانب مما صدر عنهم من جرائم تستدعى جهادهم والإِغلاظ عليهم .
أى : يحلف هؤلاء المنافقون بالله كذاب وزورا أنهم ما قالوا هذا القول القبيح الذي بلغك عنهم يا محمد .
والحق أنهم قد قالوا " كلمة الكفر " وهى تشمل كل ما نطقوا به من اقوال يقصدون بها إيذاءه - صلى الله عليه وسلم - ، كقولهم : " هو أذن " وقولهم . " لئن كان ما جاء به حقا فنحن أشر من حمرنا . . " وغير ذلك من الكلمات القبيحة التي نطقوا بها .
وأنهم قد { وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ } أى : أظهروا الكفر بعد إظهاره الإِسلام .
وأنهم قد { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } أى : حاولوا إلحاق الأذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم لم يستطيعوا ذلك ، لأن الله - تعالى - عصمة من شرورهم .
وقوله : { وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } توبيخ لهم على جحودهم وكنودهم ومقابتلهم الحسنة بالسيئة .
ومعنى : نقموا : كرهوا وعابوا وأنكروا ، يقال نقم منه الشئ إذا أنكره ، وكرهه وعابه ، وكذا إذا عاقبه عليه .
أى : وما أنكر هؤلاء المنافون من أمر الإِسلام شيئا ، إلا أنهم بسببه أغناهم الله ورسوله من فضله بالغنائم وغيرها من وجوه الخيرات التي كانوا لا يجدونها قبل حللو الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بنيهم .
وهذه الجملة الكريمة جاءت على الأسلوب الذي يسميه علماء البلاغة : تأكيد المدح بما يشه الذم .
قال الجمل : كأنه قال - سبحانه - ليس له - صلى الله عليه وسلم - صفة تكره وتعاب ، سوى أنه ترتب على قدومه إليهم وهجرته عندهم ، إغناء الله إياهم بعد شدة الحاجة ، وهذه ليست صفة ذم - بل هي صفة مدح - فحينذ ليس له صفة تذم أصلا .
وشبيه بهذا الاسلوب قول الشاعر يمدح قوما بالشجاعة والإِقدام
ولا عيب فيم غير أن سيوفهم . . . بهن فلول من قراع الكتاتب
ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بترغيبهم وترهيبهم فقال : { فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ الله عَذَاباً أَلِيماً فِي الدنيا والآخرة . . . } .
أى : فإن يتب هؤلاء المنافقون عن نفاقهم وشقاقهم وقبائح أقوالهم وأفعالهم ، يكن المتاب خيرا لهم في دنياهم وآخرتهم . " وإن يتلوا " ويعرضوا علن الحق : ويتسمروا في ضلالهم { يُعَذِّبْهُمُ الله عَذَاباً أَلِيماً فِي الدنيا والآخرة } .
أما عذاب الدنيا فمن مظاهره : حذرهم وخوفهم من أن يطلع المؤمنين على أسرارهم وجبنهم عن مجابهة الحقائق ، وشعورهم بالضعف أمام قوة المسلمين ، وإحساسهم بالعزلة والمقاطعة من جانب المؤمنين ومعاقبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إياهم بالعقوبة المناسبة لجرمهم .
وأما عذاب الآخرة ، فهو أشد وأبقى ، بسبب إصرارهم على النفاق ، وإعراضهم عن دعوة الحق .
وقوله : { وَمَا لَهُمْ فِي الأرض مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } تذييل قصد به تيئيسهم من كل معين أو ناصر .
أى : أن هؤلاء المنافقين ليس لهم أحد في الأرض يدفع عنهم عذاب الله ، أو يحميهم من عقابه ، لأن عقابه الله لن يدفعه دافع إلا هو فعليهم أن يثوبوا إلى رشدهم ، وأن يتوبوا إلى ربهم قبل أن يحل بهم عذابه .
( يحلفون باللّه ما قالوا . ولقد قالوا كلمة الكفر ، وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا ) . .
والنص في عمومه يستعرض حالة المنافقين في كثير من مواقفهم ، ويشير إلى ما أرادوه مراراً من الشر للرسول - [ ص ] - وللمسلمين . . وهناك روايات تحدد حادثة خاصة لسبب نزول الآية :
قال قتادة : نزلت في عبد اللّه بن أبي . وذلك أنه اقتتل رجلان ، جهني وأنصاري ، فعلا الجهني على الأنصاري ، فقال عبد اللّه للأنصاري : ألا تنصرون أخاكم ? واللّه ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك . وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي - [ ص ] - فأرسل إليه فسأله ، فجعل يحلف باللّه ما قاله ، فأنزل اللّه فيه هذه الآية .
ويروي الإمام أبو جعفر بن جرير بإسناده عن ابن عباس قال : كان رسول اللّه - [ ص ] - جالساً تحت ظل شجرة ، فقال : " إنه سيأتيكم إنسان ، فينظر إليكم بعين الشيطان ، فإذا جاء فلا تكلموه " . فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق ، فدعاه رسول اللّه - [ ص ] - فقال : " علام تشتمني أنت وأصحابك ? " فانطلق الرجل فجاء بأصحابه ، فحلفوا باللّه ما قالوا ، حتى تجاوز عنهم ، فأنزل اللّه عز وجل : يحلفون باللّه ما قالوا . . . الآية .
وروي عن عروة بن الزبير وغيره ما مؤداه : أنها نزلت في الجلاس بن سويد بن الصامت . كان له ربيب من امرأته اسمه عمير بن سعد ، فقال الجلاس : إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها . فقال عمير : واللّه يا جلاس : إنك لأحب الناس إلي ، وأحسنهم عندي بلاء ، وأعزهم على أن يصله شيء يكره ؛ ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحني ، ولئن كتمتها لتهلكني ، ولإحداهما أهون عَلّي من الأخرى . فأخبر بها رسول اللّه - [ ص ] - فأنكرها وحلف باللّه ما قالها ، فأنزل اللّه الآيات . فقال الرجل قد قلته ، وقد عرض اللّه عليّ التوبة ، فأنا أتوب ، فقبل منه ذلك . .
ولكن هذه الروايات لا تنسجم مع عبارة : ( وهموا بما لم ينالوا )وهذه تضافر الروايات على أن المعنيّ بها ما أراده جماعة من المنافقين في أثناء العودة من الغزوة ، من قتل رسول اللّه - [ ص ] - غيلة وهو عائد من تبوك . فنختار إحداها :
قال الإمام أحمد - رحمه اللّه - حدثنا يزيد أخبرنا الوليد بن عبد اللّه بن جميع عن أبي الطفيل قال : لما أقبل رسول اللّه - [ ص ] - من غزوة تبوك أمر منادياً فنادى : إن رسول اللّه - [ ص ] - أخذ العقبة ، فلا يأخذها أحد . فبينما رسول اللّه - [ ص ] - يقوده حذيفة ويسوقه عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل ، فغشوا عماراً وهو يسوق برسول اللّه - [ ص ] - فأقبل عمار - رضي اللّه عنه - يضرب وجوه الرواحل ، فقال رسول اللّه - [ ص ] - لحذيفة " قد . قد " حتى هبط رسول اللّه - [ ص ] - ، ورجع عمار . فقال يا عمار : " هل عرفت القوم ? " فقال : لقد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون . قال : " هل تدري ما أرادوا ? " قال : اللّه ورسوله أعلم . قال : " أرادوا أن ينفروا برسول اللّه - [ ص ] - راحلته فيطرحوه " قال : فسأل عمار رجلا من أصحاب رسول الله [ ص ] فقال : نشدتك باللّه ، كم تعلم كان أصحاب العقبة ? قال : أربعة عشر رجلاً . فقال : إن كنت منهم فقد كانوا خمسة عشر . قال : فعد رسول اللّه - [ ص ] - منهم ثلاثة قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول الله [ ص ] وما علمنا ما أراد القوم . فقال عمار : أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب للّه ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
هذه الحادثة تكشف عن دخيلة القوم . وسواء كانت هي أو شيء مثلها هو الذي تعنيه الآية ، فإنه ليبدو عجيبا أن تنطوي صدور القوم على مثل هذه الخيانة . والنص يعجب هنا منهم :
( وما نقموا إلا أن أغناهم اللّه ورسوله من فضله ) . .
فما من سيئة قدمها الإسلام لهم ينقمون عليه هذه النقمة من أجلها . . اللهم إلا أن يكون الغنى الذي غمرهم بعد الإسلام ، والرخاء الذي أصابهم بسببه هو ما ينقمون !
ثم يعقب على هذا التعجيب من أمرهم ، بعد كشف خبيئاتهم بالحكم الفاصل :
( فإن يتوبوا يك خيراً لهم ، وإن يتولوا يعذبهم اللّه عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة ، وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ) . .
بعد هذا كله يظل باب التوبة مفتوحاً على مصراعيه . فمن شاء لنفسه الخير فليدلف إلى الباب المفتوح . ومن أراد أن يمضي في طريقه الأعوج ، فالعاقبة كذلك معروفة : العذاب الأليم في الدنيا والآخرة . وانعدام الناصر والمعين في هذه الأرض . . ولمن شاء أن يختار ، وهو وحده الملوم :
( فإن يتوبوا يك خيراً لهم ، وإن يتولوا يعذبهم اللّه عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة ، وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ) . .
وقوله : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ } قال قتادة : نزلت في عبد الله بن أبي ، وذلك أنه اقتتل رجلان : جُهَني وأنصاري ، فعلا الجهني على الأنصاري ، فقال عبد الله للأنصار : ألا تنصروا أخاكم ؟ والله{[13649]} ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : " سمِّن كلبك يأكلك " ، وقال : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ } [ المنافقون : 8 ] فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه فسأله ، فجعل يحلف بالله ما قاله ، فأنزل الله فيه هذه الآية{[13650]} وروى إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة قال : فحدثنا عبد الله بن الفضل ، أنه سمع أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، يقول : حزنت على من أصيب بالحرَّة من قومي ، فكتب إلي زيد بن أرقم ، وبلغه شدة حزني ، يذكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم ، اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار " - وشك ابن الفضل في أبناء أبناء الأنصار - قال ابن الفضل : فسأل أنسا بعض من كان عنده عن زيد بن أرقم ، فقال : هو الذي يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوفى الله له بأذنه " . وذاك حين سمع رجلا من المنافقين يقول - ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب - : لئن كان هذا صادقا فنحن{[13651]} شر من الحمير ، فقال زيد بن أرقم : فهو والله صادق ، ولأنت شر من الحمار . ثم رُفع ذلك إلى رسول الله ، فجحده القائل ، فأنزل الله هذه الآية تصديقا لزيد - يعني قوله : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا } الآية .
رواه البخاري في صحيحه ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة . إلى قوله : " هذا الذي أوفى الله له بأذنه " {[13652]} ولعل ما بعده من قول موسى بن عقبة ، وقد رواه محمد بن فُلَيح ، عن موسى بن عقبة بإسناده ثم قال : قال ابن شهاب . فذكر ما بعده عن موسى ، عن ابن شهاب .
والمشهور في هذه القصة أنها كانت في غزوة بني المصطلق ، فلعل الراوي وَهَم في ذكر الآية ، وأراد أن يذكر غيرها فذكرها ، والله أعلم .
[ حاشية ]{[13653]} قال " الأموي " في مغازيه : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن جده قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخذني قومي فقالوا : إنك امرؤ شاعر ، فإن شئت أن تعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض العلة ، ثم يكون ذنبا تستغفر الله منه . وذكر الحديث بطوله ، إلى أن قال : وكان ممن تخلف من المنافقين ، ونزل فيه القرآن منهم ، ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم : الجُلاس بن سُوَيد بن الصامت ، وكان على أم عُمَير بن سعد ، وكان عمير في حجره ، فلما نزل القرآن وذكرهم الله بما ذكر مما أنزل في المنافقين ، قال الجلاس : والله لئن كان هذا الرجل صادقا فيما يقول لنحن شر من الحمير [ قال ]{[13654]} فسمعها عمير بن سعد فقال : والله - يا جلاس - إنك لأحب الناس إلي ، وأحسنهم عندي بلاء ، وأعزهم علي أن يصله{[13655]} شيء يكرهه ، ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك ولئن كتمتها لتهلكني ، ولإحداهما أهون علي من الأخرى . فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما قال الجلاس . فلما بلغ ذلك الجلاس خرج حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فحلف بالله ما قال ما قال عمير بن سعد ، ولقد كذب علي . فأنزل الله ، عز وجل ، فيه : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ } إلى آخر الآية . فوقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها . فزعموا أن الجلاس تاب فحسنت توبته ، ونزع فأحسن النزوع{[13656]} هكذا جاء هذا " مدرجا " في الحديث متصلا به ، وكأنه والله أعلم من كلام ابن إسحاق نفسه ، لا من كلام كعب بن مالك .
وقال عروة بن الزبير : نزلت هذه الآية في الجلاس بن سويد بن الصامت ، أقبل هو وابن امرأته مُصعب من قُبَاء ، فقال الجلاس : إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن أشر من حُمُرنا هذه التي نحن عليها . فقال مصعب : أما والله - يا عدو الله - لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وخفت أن ينزل في القرآن{[13657]} أو تصيبني قارعة ، أو أن أخلط{[13658]} بخطيئته ، فقلت : يا رسول الله ، أقبلت أنا والجلاس من قباء ، فقال كذا وكذا ، ولولا مخافة أن أخلط{[13659]} بخطيئة أو تصيبني قارعة ما أخبرتك . قال : فدعا الجلاس فقال : " يا جلاس ، أقلت الذي قاله مصعب ؟ " فحلف ، فأنزل الله : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ } الآية .
وقال محمد بن إسحاق : كان الذي قال تلك المقالة - فيما بلغني - الجلاس بن سويد بن الصامت ، فرفعها عليه رجل كان في حجره ، يقال له : عمير بن سعيد ، فأنكرها ، فحلف بالله ما قالها : فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته ، فيما بلغني .
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة فقال : " إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعيني الشيطان ، فإذا جاء فلا تكلموه " . فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ " فانطلق الرجل فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما قالوا ، حتى تجاوز عنهم ، فأنزل{[13660]} الله ، عز وجل : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا } الآية{[13661]} وذلك بَيِّنٌ فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب " دلائل النبوة " من حديث محمد بن إسحاق ، عن الأعمش عن عمرو بن مُرة ، عن [ أبي ]{[13662]} البختري ، عن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه ، قال : كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به ، وعمار يسوق الناقة - أو أنا : أسوقه ، وعمار يقوده - حتى إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها ، قال : فأنبهت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ بهم ]{[13663]} فصرخ بهم فولوا مدبرين ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل عرفتم القوم ؟ قلنا : لا يا رسول الله ، قد كانوا متلثمين ، ولكنا قد عرفنا الركاب . قال : " هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة ، وهل تدرون{[13664]} ما أرادوا ؟ " قلنا : لا . قال : " أرادوا أن يزحموا{[13665]} رسول الله في العقبة ، فيلقوه منها " . قلنا : يا رسول الله ، أو لا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال : " لا أكره أن تتحدث العرب بينها أن محمدا قاتل بقوم حتى [ إذا ]{[13666]} أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم " ، ثم قال : " اللهم ارمهم بالدبيلة " . قلنا : يا رسول الله ، وما الدبيلة ؟ قال : " شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك " {[13667]} وقال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا يزيد ، أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع ، عن أبي الطفيل قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، أمر مناديا فنادى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة فلا يأخذها أحد . فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوقه عمار ، إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل فغشوا عمارا وهو يسوق برسول الله ، وأقبل عمار ، رضي الله عنه ، يضرب وجوه الرواحل ، فقال رسول الله{[13668]} صلى الله عليه وسلم لحذيفة : " قد ، قد " حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ فلما هبط ]{[13669]} نزل ورجع عمار ، فقال : " يا عمار ، هل عرفت القوم ؟ " فقال : قد عرفت عامة الرواحل ، والقوم متلثمون . قال : " هل تدري ما أرادوا ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه " . قال : فسار عمار رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نشدتك{[13670]} بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة ؟ قال : أربعة عشر . فقال : إن كنت منهم فقد كانوا خمسة عشر . قال : فعذر{[13671]} رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول الله ، وما علمنا ما أراد القوم . فقال عمار : أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد{[13672]} وهكذا روى ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عُرْوَة بن الزبير نحو هذا ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يمشي الناس في بطن الوادي ، وصعد هو وحذيفة وعمار العقبة ، فتبعهم هؤلاء النفر الأرذلون ، وهم متلثمون ، فأرادوا سلوك العقبة ، فأطلع الله على مرادهم رسول الله{[13673]} صلى الله عليه وسلم ، فأمر حذيفة فرجع إليهم ، فضرب وجوه رواحلهم ، ففزعوا ورجعوا مقبوحين ، وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة وعمارا بأسمائهم ، وما كانوا هموا به من الفتك{[13674]} به ، صلوات الله وسلامه عليه ، وأمرهما أن يكتما عليهم{[13675]} وكذلك روى يونس بن بُكَير ، عن ابن إسحاق ، إلا أنه سَمّى جماعة منهم ، فالله أعلم{[13676]} وكذا قد حكي{[13677]} في معجم الطبراني ، قاله البيهقي . ويشهد لهذه القصة بالصحة ، ما رواه مسلم :
حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا أبو أحمد الكوفي ، حدثنا الوليد بن جُمَيع ، حدثنا أبو الطفيل قال : كان [ بين ]{[13678]} رجل من أهل العقبة [ وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك بالله ، كم كان أصحاب العقبة ]{[13679]} قال : فقال له القوم : أخبره إذ سألك . قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر ، فإن كنت منهم فقد كان القوم{[13680]} خمسة عشر ، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وعذر ثلاثة قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا علمنا بما أراد القوم . وقد كان في حرة فمشى ، فقال : " إن الماء قليل ، فلا يسبقني إليه أحد " ، فوجد قوما قد سبقوه ، فلعنهم{[13681]} يومئذ{[13682]} وما رواه مسلم أيضا ، من حديث قتادة ، عن أبي نَضْرة ، عن قيس بن عباد ، عن عمار بن ياسر قال : أخبرني حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " في أصحابي اثنا عشر منافقا ، لا يدخلون الجنة ، ولا يجدون ريحها حتى يلج [ الجمل ]{[13683]} في سم الخياط : ثمانية تكفيكهم الدُّبَيْلة : سراج من نار يظهر بين أكتافه حتى ينجم من صدورهم " {[13684]}
ولهذا كان حذيفة يقال له : " صاحب السر ، الذي لا يعلمه غيره " أي : من تعيين جماعة من المنافقين ، وهم هؤلاء ، قد أطلعه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره ، والله أعلم . وقد ترجم الطبراني في مسند حذيفة تسمية أصحاب العقبة ، ثم روى عن علي بن عبد العزيز ، عن الزبير بن بكار أنه قال : هم مُعَتِّب بن قشير ، ووديعة بن ثابت ، وجد بن عبد الله بن نَبْتَل بن الحارث من بني عمرو بن عوف ، والحارث بن يزيد الطائي ، وأوس بن قَيْظِي والحارث بن سُوَيْد ، وسعد بن زرارة{[13685]} وقيس بن فهد ، وسويد وداعس من بني الحبلي ، وقيس بن عمرو بن سهل ، وزيد بن اللصيت ، وسلالة بن الحمام ، وهما من بني قينقاع أظهرا الإسلام{[13686]}
وقوله : { وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } أي : وما للرسول عندهم ذنب إلا أن الله أغناهم ببركته ويمن سفارته ، ولو تمت عليهم السعادة لهداهم الله لما جاء به ، كما قال ، عليه السلام{[13687]} للأنصار : " ألم أجدكم ضُلالا فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ " كلما قال شيئا قالوا : الله ورسوله أمن .
وهذه الصيغة تقال حيث لا ذنب كما قال تعالى : { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } [ البروج : 8 ] وكما قال ، عليه السلام{[13688]} ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله " .
ثم دعاهم الله تبارك وتعالى إلى التوبة فقال : { فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } أي : وإن يستمروا على طريقهم { يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا } أي : بالقتل والهم والغم ، { والآخرة } أي : بالعذاب والنكال والهوان والصغار ، { وَمَا لَهُمْ فِي الأرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } أي : وليس لهم أحد يسعدهم ولا ينجدهم ، ولا يحصل لهم خيرا ، ولا يدفع عنهم شرا .
وقوله { يحلفون بالله ما قالوا } الآية ، هذه الآية نزلت في الجلاس بن سويد بن الصامت ، وذلك كأنه كان يأتي من قباء ومعه ابن امرأته عمير بن سعد فيما قال ابن إسحاق ، وقال عروة اسمه مصعب ، وقال غيره وهما على حمارين .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى قوماً ممن اتهمهم بالنفاق ، وقال إنهم رجس ، فقال الجلاس للذي كان يسير معه : والله ما هؤلاء الذين سمى محمد إلا كبراؤنا وسادتنا ، ولئن كان ما يقول محمد حقاً لنحن شر من حمرنا هذه فقال له ربيبة أو الرجل الآخر ؟ والله إنه لحق ، وإنك لشر من حمارك ، ثم خشي الرجل من أن يلحقه في دينه درك ، فخرج وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصة فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في الجلاس فقرره فحلف بالله ما قال ، فنزلت هذه الآية{[5790]} ، والإشارة ب { كلمة الكفر } إلى قوله : إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن شر من الحمر ، إن التكذيب في قوة هذا الكلام ، قال مجاهد وكان الجلاس لما قال له صاحبه إني سأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولك هم بقتله ، ثم لم يفعل عجزاً عن ذلك فإلى هذا هي الإشارة بقوله { وهموا بما لم ينالوا } ، وقال قتادة بن دعامة : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي ابن سلول ، وذلك أن سنان بن وبرة الأنصاري والجهجاه الغفاري كسع أحدهما رجل الآخر في غزوة المريسيع ، فثاروا ، فصاح جهجاه بالأنصار وصاح سنان بالمهاجرين ، فثار الناس فهدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : ما أرى هؤلاء إلا قد تداعوا علينا ، ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك ، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقفه فحلف أنه لم يقل ذلك ، فنزلت الآية مكذبة له{[5791]} ، والإشارة ب { كلمة الكفر } إلى تمثيله : سمن كلبك يأكلك ، قال قتادة والإشارة ب { هموا } إلى قوله لئن رجعنا إلى المدينة ، وقال الحسن هم المنافقون من إظهار الشرك ومكابرة النبي صلى الله عليه وسلم بما لم ينالوا ، وقال تعالى : { بعد إسلامهم } ولم يقل بعد إيمانهم لأن ذلك لم يتجاوز ألسنتهم ، وقوله تعالى : { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله } ، معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفذ لعبد الله بن أبي ابن سلول دية كانت قد تعطلت له ، ذكر عكرمة أنها كانت اثني عشر ألفاً ، وقيل بل كانت للجلاس .
قال القاضي أبو محمد : وهذا بحسب الخلاف المتقدم فيمن نزلت الآية من أولها ، وتقدم اختلاف القراء في { نقموا } في سورة الأعراف ، وقرأها أبو حيوة وابن أبي عبلة بكسر القاف ، وهي لغة ، وقوله { إلا أن أغناهم الله } استثناء من غير الأول كما قال النابغة :
ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم*** بهن فلول من قراع الكتائب{[5792]}
فكأن الكلام وما نقموا إلا ما حقه أن يشكر ، وقال مجاهد في قوله { وهموا بما لم ينالوا } إنها نزلت في قوم من قريش أرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يناسب الآية ، وقالت فرقة إن الجلاس هو الذي هم بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يشبه الآية إلا أنه غير قوي السند ، وحكى الزجّاج أن اثني عشر من المنافقين هموا بذلك فأطلع الله عليهم ، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في إغنائهم من حيث كثرت أموالهم من الغنائم ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم سبب في ذلك وعلى هذا الحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار «كنتم عالة فأغناكم الله بي »{[5793]} ، ثم فتح عز وجل لهم باب التوبة رفقاً بهم ولطفاً في قوله { فإن يتوبوا يك خيراً لهم } .
وروي أن الجلاس تاب من النفاق فقال : إن الله قد ترك لي باب التوبة فاعترف وأخلص ، وحسنت توبته ، و «العذاب الأليم » اللاحق بهم في الدنيا هو المقت والخوف والهجنة عند المؤمنين .