النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ وَمَا نَقَمُوٓاْ إِلَّآ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيۡرٗا لَّهُمۡۖ وَإِن يَتَوَلَّوۡاْ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (74)

قوله عز وجل : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ } فيهم ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه الجلاس بن سويد بن الصامت ، قال : إن كان ما جاء به محمد حقاً فنحن شر من الحمير ، ثم حلف أنه ما قال ، وهذا قول عروة ومجاهد وابن إسحاق .

والثاني : أنه عبد الله بن أبي بن سلول . قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، قاله قتادة .

والثالث : أنهم جماعة من المنافقين قالوا ذلك ، قاله الحسن .

{ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ } يعني ما أنكروه مما قدمنا ذكره تحقيقاً لتكذيبهم فيما أنكروه وقيل بل هو قولهم إن محمداً ليس بنبي .

{ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم } يحتمل وجهين :

أحدهما : كفروا بقلوبهم بعد أن آمنوا بأفواههم .

والثاني : جرى عليهم حكم الكفر بعد أن جرى عليهم حكم الإيمان .

{ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن المنافقين هموا بقتل الذي أنكر عليهم ، قاله مجاهد .

والثاني : أنهم هموا بما قالوه { لَئِن رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينةِ ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ } وهذا قول قتادة .

والثالث : أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً وقيل إنه كان ذلك في غزوة تبوك .