جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ وَمَا نَقَمُوٓاْ إِلَّآ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيۡرٗا لَّهُمۡۖ وَإِن يَتَوَلَّوۡاْ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (74)

{ يحلفون{[2029]} بالله ما قالوا } ، نزلت حين كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جالسا في ظل شجرة إذ طلع رجل أزرق فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : علام تشتمني أنت وأصحابك فانطلق وجاء بأصحابه وحلفوا بلله أنهم ما قالوه ، أو نزلت في جلاس ابن سويد حين قال : إن كان ما جاء به محمد حقا لنحن أشر من الحمير ومعه ابن امرأته فأوعده بأن يذكر قوله هذا عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وذكره فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل أقلت كذا وكذا ؟ فحلف ، أو نزلت في ابن أبي حين قال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر وحلف{[2030]} ، { ولقد قالوا كلمة الكفر } ، سبه أو تكذيبه ، { وكفروا بعد إسلامهم } ، أظهروا الكفر بعد إظهار الإيمان ، { وهمواّ } ، قصدوا ، { بما لم ينالوا } ، ما قدروا عليه من قتل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في العقبة التي بطريق تبوك ، أو من قتل ابن امرأة الجلاس حين أوعد السعاية ، أو أرادوا أن يعقدوا على ابن سلول تاجا يباهي به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلما سئلوا عن هذه الإرادة حلفوا أنا ما أردنا ، { وما نقموا } ، ما أنكروا وما عابوا ، { إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } وحاصله أنهم جعلوا الشكاية والعيب موضع الشكر والمدح فإنه ما للرسول عندهم ذنب إلا أن الله أغناهم ببركته بعدما كانوا في ضنك وضيق ، { فإن يتوبوا يك } ، أي : التوب ، { خيرا بهم } ، فتاب الجلاس وحسنت توبته ، { وإن يتولوا } ، بالإصرار على النفاق { يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير } ، ينجهم من عذابه .


[2029]:ولما أمر نبيه بالجهاد والغلظة على الكفار والمنافق وأن مرجعهم ومنزلهم جهنم يعد بعض مساوئهم ليعلم أسباب شقاوتهم فيحرز عنه/ وجيز.
[2030]:أخرجاه في الصحيحين، وسيأتي.