المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

111- اذكر لقومك - أيها النبي - محذراً إياهم يوم يأتي فيه كل إنسان لا يهمه إلا الدفاع عن نفسه ، لا يشغله عنها والد ولا ولد ، وهو يوم القيامة ، ويوفي اللَّه فيه كل نفس جزاء ما كسبت من أعمال ، خيراً كانت أو شراً ، ولا يظلم ربك أحدا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

وقوله - سبحانه - : { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا . . . } ، منصوب على الظرفية بقوله : { رحيم } ، أو منصوب على المفعولية بفعل محذوف تقديره : اذكر . والمراد باليوم : يوم القيامة .

والمجادلة هنا بمعنى : المحاجة والمدافعة ، والسعي في الخلاص من أهوال ذلك اليوم الشديد .

والمعنى : إن ربك - أيها الرسول الكريم - من بعد تلك المذكورات من الهجرة والفتنة والجهاد والصبر ، لغفور رحيم ، يوم تأتي كل نفس مشغولة بأمرها ، مهتمة بالدفاع عن ذاتها ، بدون التفات إلى غيرها ، ساعية في الخلاص من عذاب ذلك اليوم .

والمتأمل في هذه الجملة الكريمة ، يراها تشير بأسلوب مؤثر بليغ إلى ما يعتري الناس يوم القيامة من خوف وفزع يجعلهم لا يفكرون إلا في ذواتهم ولا يهمهم شأن آبائهم أو أبنائهم .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى النفس المضافة إلى النفس ؟ .

قلت : يقال لعين الشيء وذاته نفسُه ، وفي نقيضه غيره ، والنفس الجملة كما هي ، فالنفس الأولى هي الجملة ، والثانية عينها وذاتها ، فكأنه قيل : يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته ، لا يهمه شأن غيره ، كل يقول : نفسي نفسي .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نّفْسِهَا وَتُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : }إن ربك من بعدها لغفور رحيم يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تخاصم عن نفسها } ، وتحتجّ عنها بما أسلفت في الدنيا من خير أو شرّ أو إيمان أو كفر . و{ َتُوَفّى كُلّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ } في الدنيا من طاعة ومعصية . { وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } : يقول : وهم لا يفعل بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونه بما قدّموه من خير أو شرّ ، فلا يجزي المحسن إلا بالإحسان ، ولا المسيء إلا بالذي أسلف من الإساءة ، لا يعاقب محسن ولا يبخس جزاء إحسانه ، ولا يثاب مسيء إلا ثواب عمله .

واختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله قيل : «تجادل » فأنّث الكلّ ، فقال بعض نحوّيي البصرة : قيل ذلك لأن معنى كلّ نفس : كل إنسان ، وأنث لأن النفس تذكر وتؤنث ، يقال : ما جاءني نفس واحد وواحدة . وكان بعض أهل العربية يرى هذا القول من قائله غلطا ويقول : «كلّ » إذا أضيفت إلى نكرة واحدة خرج الفعل على قدر النكرة : كلّ امرأة قائمة ، وكلّ رجل قائم ، وكل امرأتين قائمتان ، وكلّ رجلين قائمان ، وكل نساء قائمات ، وكل رجال قائمون ، فيخرج على عدد النكرة وتأنيثها وتذكيرها ، ولا حاجة به إلى تأنيث النفس وتذكيرها .