{ أم حسبت أن أصحاب الكهف } ، والكهف ثقب يكون في الجبل كهيئة الغار ، واسمه : بانجلوس ، { والرقيم } ، كتاب كتيه رجلان قاضيان صالحان ، أحدهما ماتوس ، والآخر أسطوس ، كانا يكتمان إيمانهما ، وكانا في منزل دقيوس الجبار ، وهو الملك الذي فر منه الفتية ، وكتبا أمر الفتية في لوح من رصاص ، ثم جعلاه في تابوت من نحاس ، ثم جعلاه في البناء الذي سدوا به باب الكهف ، فقال : لعل الله عز وجل أن يطلع على هؤلاء الفتية ، ليعلموا إذا قرأوا الكتاب ، قال سبحانه : { كانوا من ءاياتنا عجبا } آية . يقول سبحانه : أوحينا إليك من أمر الأمم الخالية ، وعلمناك من أمر الخلق ، وأمر ما كان ، وأمر ما يكون قبل أصحاب الكهف ، فهو أعجب من أصحاب الكهف ، وليس أصحاب الكهف بأعجب مما أوحينا إليك ، { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم } ، يعنى بالرقيم الكتاب الذي كتبه القاضيان ، مثل قوله عز وجل : { كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم } [ المطففين :7-9 ] يعنى كتاب مكتوب ، { كانوا من ءاياتنا عجبا } ، يخبره به .
وذلك أن أبا جهل قال لقريش : ابعثوا نفرا منكم إلى يهود يثرب ، فيسألونهم عن صاحبكم أنبي هو أم كذاب ؟ فإنا نرى أن ننصرف عنه ، فبعثوا خمسة نفر ، منهم : النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط ، فلما قدموا المدينة ، قالوا لليهود : أتيناكم لأمر حدث فينا لا يزداد إلا نماء ، وإنا له كارهون ، وقد خفنا أن يفسد علينا ديننا ، ويلبس علينا أمرنا ، وهو حقير فقير يتيم ، يدعو إلى الرحمن ، ولا نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب ، وقد علمتم أنه لم يأمر قط إلا بالفساد والقتال ، ويأتيه بذلك زعم جبريل ، عليه السلام ، وهو عدو لكم ، فأخبرونا هل تجدونه في كتابكم ؟ .
قالوا : نجد نعته كما تقولون ، قالوا : إن في قومه من هو أشرف منه ، وأكبر سنا ، فلا نصدقه ، قالوا : نجد قومه أشد الناس عليه ، وهذا زمانه الذي يخرج فيه ، قالوا : إنما يعلمه الكذاب مسيلمة ، فحدثونا بأشياء تسأله عنها لا يعلمها مسيلمة ، ولا يعلمها إلا نبي ، قالوا : سلوه عن ثلاث خصال ، فإن أصابهن فهو نبي ، وإلا فهو كذاب ، سلوه عن أصحاب الكهف ، فقصوا عليهم أمرهم ، وسلوه عن ذي القرنين ، فإنه كان ملكا ، وكان أمره كذا وكذا ، وسلوه عن الروح ، فإن أخبركم عنه بقليل أو كثير ، فهو كذاب ، فقصوا عليهم ، فرجعوا بذلك وأعجبهم .
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو جهل : يا ابن عبد المطلب ، إنا سائلوك عن ثلاث خصال ، فإن علمتهن فأنت صادق ، وإلا فأنت كاذب ، فذر ذكر آلهتنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما هن ؟ سلوني عما شئتم" ، قالوا : نسألك عن أصحاب الكهف ، فقد أخبرنا عنهم ، ونسأل عن ذي القرنين ، فقد أخبرنا عنه بالعجب ، ونسألك عن الروح ، فقد ذكر لنا من أمره عجب ، فإن علمتهن ، فأنت معذور ، وإن جهلتهن ، فأنت مغرور مسحور ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : "ارجعوا إلى غدا أخبركم" ، ولم يستثن ، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث أيام .
ثم أتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا جبريل ، إن القوم سألوني عن ثلاث خصال" فقال جبريل ، عليه السلام : بهن أتيتك ، إن الله عز وجل يقول : { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجبا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.