فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمۡ حَسِبۡتَ أَنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡكَهۡفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنۡ ءَايَٰتِنَا عَجَبًا} (9)

قوله : { أَمْ حَسِبْتَ } «أم » : هي المنقطعة المقدّرة ببل والهمزة عند الجمهور ، وببل وحدها عند بعضهم والتقدير : بل أحسبت ، أو بل حسبت ، ومعناها : الانتقال من حديث إلى حديث آخر ، لا لإبطال الأول والإضراب عنه كما هو معنى بل في الأصل . والمعنى : أن القوم لما تعجبوا من قصة أصحاب الكهف وسألوا عنها الرسول على سبيل الامتحان ، قال سبحانه : بل أظننت يا محمد أنهم كانوا عجباً من آياتنا فقط ؟ لا تحسب ذلك فإن آياتنا كلها عجب ، فإن من كان قادراً على جعل ما على الأرض زينة لها للابتلاء ، ثم جعل ما عليها صعيداً جرزاً كأن لم تغن بالأمس ، لا تستبعد قدرته وحفظه ورحمته بالنسبة إلى طائفة مخصوصة ، وإن كانت قصتهم خارقة للعادة ، فإن آيات الله سبحانه كذلك وفوق ذلك . و{ عَجَبًا } منتصبة على أنه خبر كان أي : ذات عجب ، أو موصوفة بالعجب مبالغة ، و{ من آياتنا } في محل نصب على الحال .

/خ16