{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أصحاب الكهف } ، أي غار في الجبل { والرقيم } الكتاب ؛ وقال قتادة : دراهمهم ؛ وقال عكرمة ، عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلمه إلا أربعة غسلين ، وحنان ، والأواه ، والرقيم ، وقال القتبي : الرقيم لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف ، ونصب على باب الكهف ؛ والرقيم الكتاب وهو فعيل بمعنى مفعول «وبِهِ كِتَابٌ مَرْقُومٌ » أي مكتوب ؛ وقال الزجاج : هو اسم الجبل الذي فيه الكهف ؛ وقال كعب الأحبار : { الرَّقِيمُ } اسم القرية .
روي عن ابن عباس أن قريشاً اجتمعوا وكان فيهم الوليد بن المغيرة ، والعاصي بن وائل السهمي ، وأبو جهل بن هشام ، وأمية وأبي أبناء خلف والأسود بن عبد المطلب ، وسائر قريش ، فبعثوا منهم خمسة رهط إلى يهود يثرب أي يهود المدينة فسألوهم عن محمد وعن أمره وصفته ، وأنه خرج من بين أظهرنا ويزعم أنه نبي مرسل ، واسمه محمد ، وهو فقير يتيم . فلما قدموا المدينة ، أتوا أحبارهم وعلماءهم ، فوجدوهم قد اجتمعوا في عيد لهم ، فسألوهم عنه ؛ ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم : نجده في التوراة كما وصفتموه لنا ، وهذا زمانه . ولكن سلوه عن ثلاث خصال ؛ فإن أخبركم بخصلتين ولم يخبركم بالثالثة ، فاعلموا أنه نبي فاتبعوه ؛ فإنا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء ، فلم يدر ما هن ، وقد زعمتم أنه يتعلم من مسيلمة الكذاب . سلوه عن أصحاب الكهف ، أي قصوا عليه أمرهم ؛ وسلوه عن ذي القرنين أن كان ملكاً وكان أمره كذا وكذا ؛ وسلوه عن الروح : فإن أخبركم عن قليل أو كثير فهو كاذب .
ففرحوا بذلك ، فلما رجعوا وأخبروا أبا جهل ، ففرح وأتوه ، فقال أبو جهل : إنا سائلون عن ثلاث خصال . فسألوه عن ذلك ، فقال لهم : " ارجعوا غداً أخبركم " ، ولم يقل : إن شاء الله . فرجعوا ولم ينزل عليه جبريل إلى ثلاثة أيام وفي رواية الكلبي إلى خمسة عشر يوماً ، وفي رواية الضحاك إلى أربعين يوماً فجعلت قريش تقول : يزعم محمد أنه يخبرنا غداً بما سألناه ، وقد مضى كذا وكذا يوماً ؛ فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم أتاه جبريل ، فقال لجبريل : لقد علمت ما سألني عنه قومي ، فلم أبطأت علي ؟ فقال : أنا عبد مثلك { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلك وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } [ مريم : 64 ] ؛ وقال : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذلك غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لاًّقْرَبَ مِنْ هذا رَشَدًا } [ الكهف : 23/24 ] . وكان المشركون يقولون : إن ربه قد ودعه وأبغضه ، فنزل : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى } [ الضحى : 3 ] ونزل : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أصحاب الكهف والرقيم } { كَانُواْ مِنْ ءاياتنا عَجَبًا } . فلما قرأ عليهم ، قالوا : هذان ساحران ، يعني : محمداً وموسى عليهما السلام ولم يصدقوه .
وقوله : { عَجَبًا } يقول هم عجب ، وأمرهم أعجب ، وغيرهم مما خلقت أعجب منهم ، الشمس والقمر والجبال والسموات والأرض أعجب منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.