{ أَمْ حَسِبْتَ } ، معناه : بل أم حسبت ، يعني : أظننت يا محمد { أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } ؟ يعني : ليسوا أعجب آياتنا ؛ فإنّ ما خلقت من السماوات والأرض وما فيهنّ من العجائب أغرب منهم . والكهف هو الغار في الجبل . واختلفوا في الرقيم ، فقال فيه ما روى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ ثلاثة نفر خرجوا يرتادون لأهلهم ، بينا هم يمشون إذ أصابتهم السماء ، فأووا إلى كهف فسقطت صخرة من الجبل فانطبقت على باب الكهف فانقفل عليهم ، فقال قائل منهم : اذكروا أيّكم عمل حسنة لعل الله برحمته يرحمنا .
فقال رجل منهم : قد عملت حسنة مرة ، كان لي أُجراء يعملون عملاً استأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم ، فجاءني رجل ذات يوم وسط النهار فاستأجرته بشرط أصحابه ، فعمل في بقية نهاره كما عمل الرجل منهم في نهاره كله ، فرأيت عليَّ في الذِّمام ألاّ أُنقصه مّما استأجرت به أصحابه ، لما جهد في عمله ، فقال رجل منهم : أتعطي هذا ما أعطيتني ولا يعمل إلاّ نصف النهار ؟ قلت : يا عبد الله لم أبخسك شيئاً من شرطك ، وإنما هو مالي أحكم فيه ما شئت .
قال : فغضب وذهب وترك أجره ، فوضعت حقه في جانب من البيت ما شاء الله ، ثمّ نزل بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة من البقر ، فبلغت ما شاء الله ، فمرّ بي بعد حين شيخ ضعيف لا أعرفه ، فقال لي : إنّ لي عندك حقاً . فذكره حتى عرفته ، قلت : إيّاك أبغي وهذا حقّك . فعرضتها عليه جميعاً فقال : يا عبد الله ، لا تسخر بي إن لم تتصدّق علي فأعطني حقي . قلت : والله لا أسخر ، إنها لحقك ما لي فيه شيء ، فدفعتها إليه . اللّهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا . فانصدع الجبل حتى رأوا الضوء فأبصروا .
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرّة ، كانت لي فضل ، وأصاب النّاس شدّة ، فجاءتني امرأة تطلب مني معروفاً ، فقلت : والله ما هو دون نفسك . فأبت عليَّ ، وذهبت ورجعت ثلاث مرات وقلت : لا والله ما هو دون نفسك . فأبت علّي وذهبت ، وذكرت لزوجها ، فقال لها : أعطيه نفسك وأغيثي عيالك . فرجعت إليّ ونشدتني بالله ، فأبيت عليها وقلت : والله ما هو دون نفسك . فلّما رأت ذلك أسلمت إلىّ نفسها ، فلّما تكشّفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي ، فقلت لها : ما شأنك ؟ قالت : أخاف الله رب العالمين . فقلت لها : خفتِه في الشدّة ولم أخفه في الرخاء فتركتها وأعطيتها ما يحق علىّ بما تكشفتها . اللهمّ إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا . فانصدع حتى تعارفوا وتبيّن لهم .
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرّة ، كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكان لي غنم ، فكنت أُطعم أبوىَّ وأسقيهما ثمّ أرجع إلى أهلي . قال : فأصابني يوماً غيث حبسني حتى أمسيت فأتيت أهلي فأخذت محلبي وحلبت غنمي وتركتها قائمة فمضيت إليهما ، فوجدتهما ناما ، فشقّ عليَّ أن أُوقضهما ، وشقّ عليَّ أن أترك غنمي فما برحت جالساً ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما . اللهم إن فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا " .
قال النعمان لكأني أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الجبل طاق ، ففرج الله عنهم وخرجوا " .
وقال ابن عباس : الرقيم واد بين غطفان وأيلة ، وهو الوادي الذي فيه أصحاب الكهف . وقال كعب هي قريتهم . وهو على هذا التأويل من رقمة الوادي وهو موضع الماء منه ، تقول العرب : عليك بالرقمة ، ودع الضّفة .
والضِّفتان : جانبا الوادي . وقال سعيد بن جبير : الرَّقيم لوح من حديد ، وقيل : من رصاص ، كتبوا فيه أسماء أصحاب الكهف وقصتهم ، ثمّ وضعوه على باب الكهف . وهو على هذا التأويل بمعنى المرقوم ، أي المكتوب . والرّقم : الخط والعلامة ، والرقم : الكتابة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.