قوله : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكهف والرقيم كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } الآية .
معناها : أظننت ، يا محمد ، أنَّ أصحاب الكهف والرَّقيم كانوا من آياتنا عجباً .
وقيل : معناه أنَّهم ليسوا بأعجب من آياتنا ؛ فإنَّ ما خلقت من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجبُ منهم ، فكيف يستبعدُ من قدرته ورحمته حفظ طائفة مدة ثلاثمائة سنةٍ وأكثر ؟ هذا وجه النظم .
وقد تقدَّم سببُ نزولِ قصَّة أصحاب الكهف عند قوله : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح } [ الإسراء : 85 ] .
والكهف هو الغار في الجبل وقيل : مطلق الغار ، وقيل : هو ما اتسع في الجبل ، فإن لم يتَّسِعْ ، فهو غارٌ ، والجمع " كُهُوف " في الكثرة ، و " أكْهُفٌ " في القِلَّةِ .
والرَّقيم : قيل : بمعنى مرقوم .
وعلى هذا قال أهل المعاني{[20824]} : الرَّقيمُ الكتاب .
ومنه قوله : { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [ المطففين : 9 ] أي : مكتوب .
قال الفراء : الرقيم لوحٌ كان فيه أسماؤهم وصفاتهم ، وسمِّي رقيماً ؛ لأنَّ أسماءهم كانت مرقومة فيه .
قال سعيد بن جبيرٍ ، ومجاهدٌ : كان لوحاً من حجارةٍ{[20825]} ، وقيل : من رصاصٍ ، كتبنا فيه أسماءهم وصفاتهم ، وشدَّ ذلك اللَّوح على باب الكهف ، وهو أظهر الأقوال .
وقيل : بمعنى راقم ، وقيل : هو اسم الكلب الذي لأصحاب الكهفِ ، وأنشدوا لأمية بن أبي الصَّلت : [ الطّويل ]
وليْسَ بِهَا إلاَّ الرَّقيمُ مُجاوِراً *** وصِيدَهُمُ ، والقَوْمُ بالكهْفِ هُمَّدُ{[20826]}
وروى عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّه قال : كلُّ القرآن معلومٌ إلا أربعة : غسلين ، وحناناً ، والأوَّاه ، والرَّقيم{[20827]} .
وروى عكرمة عن ابن عبَّاس أنه سئل عن الرَّقيم فقال : زعم كعبٌ أنَّها القرية التي خرجوا منها{[20828]} ، وهو قول السديِّ .
وحكي عن ابن عباس : أنَّه اسمٌ للوادي الذي فيه أصحاب الكهف ، وعلى هذا هو من رقمة الوادي ، وهو جانبه{[20829]} .
وقيل : اسم للجبلِ الذي فيه الكهف .
قوله : { أَمْ حَسِبْتَ } : " أم " هذه منقطعة ، فتقدَّر ب " بل " التي للانتقال ، لا للإبطال ، وبهمزة الاستفهام عند جمهور النحاة ، و " بل " وحدها أو بالهمزة وحدها عند غيرهم ، وتقدَّم تحقيق القولِ فيها .
و " أنَّ " وما في حيِّزها سادَّةٌ مسدَّ المفعولين ، أو أحدهما ، على الخلافِ المشهور .
قوله : " عَجَباً " يجوز أن تكون خبراً ، و " مِنْ آيَاتِنَا " حالٌ منه ، وأن يكون خبراً ثانياً ، و " مِنْ آيَاتِنَا " خبراً أوَّل ، وأن يكون " عجباً " حالاً من الضمير المستتر في " من آيَاتِنَا " لوقوعه خبراً ، ووحَّد ، وإن كان صفة في المعنى لجماعة ؛ لأن أصله المصدر قال ابن الخطيب : عجباً ، و " العجب " ها هنا مصدر ، سمِّي المفعول به ، والتقدير : " كانوا معجوباً منهم " فسمُّوا بالمصدر . وقالوا : " عَجَباً " في الأصل صفة لمحذوفٍ ، تقديره : آية عجباً ، وقيل : على حذف مضافٍ ، أي : آية ذات عجبٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.