ثم قال عز وجل : { إن الذين جاءو بالإفك } يعنى بالكذب { عصبة منكم } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انطلق غازيا ، وانطلقت معه عائشة بنت أبي بكر ، رضي الله عز وجل عنهما ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع النبي صلى الله عليه وسلم ، يومئذ رفيق له ، يقال له : صفوان بن معطل ، من بني سليم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سار ليلا مكث صفوان في مكانه ، حتى يصبح ، فإن سقط من المسلمين شيء من متاعهم حمله إلى العسكر فعرفه ، فإذا جاء صاحبه دفعه إليه ، وأن عائشة ، رضي الله عنها ، لما نودي بالرحيل ذات ليلة ركبت الرحل ، فدخلت هودجها ، ثم ذكرت حليا كان لها نسيته في المنزل ، فنزلت لتأخذ الحلى ، ولا يشعر بها صاحب البعير ، فانبعث فسار مع المعسكر ، فلما وجدت عائشة ، رضي الله عنها ، حليها ، وكان جزعا ظفاريا لا ذهب فيه ، ولا فضة ، ولا جوهر ، فإذا البعير قد ذهب ، فجعلت تمشي على إثره وهي تبكي ، وأصبح صفوان بن المعطل في المنزل ، ثم سار في أثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فإذا هو بعائشة ، رضي الله عنها ، قد غطت وجهها تبكي ، فقال صفوان : من هذا ؟ فقالت : أنا عائشة ، فاسترجع ونزل عن بعيره ، وقال : ما شأنك يا أم المؤمنين ؟ فحدثته بأمر الحلى فحملها على بعيره ، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم ففقد عائشة ، رضي الله عنها ، فلم يجدها فلبثوا ما شاء الله ، ثم جاء صفوا وقد حملها على بعيره ، فقذفها عبد الله بن أبي ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ، وحمنة بنت جحش أخت عبد الله بن جحش الأسدي .
يقول الله تعالى : { لا تحسبوه شرا لكم } لأنكم تؤجرون على ما قد قيل لكم من الأذى { بل هو خير لكم } حين أمرتم بالتثبت والغطة { لكل امرى منهم ما اكتسب من الإثم } على قدر ما خاض فيه من أمر عائشة ، رضي الله عنها ، وصفوان بن المعطل السلمي ، { والذي تولى كبره منهم } يعنى عظمة منهم ، يعنى من العصبة ، وهو عبد الله ابن أبي رأس المنافقين ، وهو الذي قال : ما برئت منه ، وما برئ منها ، { له عذاب عظيم } آية ، أي شديد .
ففي هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة ، فمن أعلن عليها بفعل ، أو كلام ، أو عرض ، أو أعجبه ذلك ، أو رضى ربه ، فهو شريك في تلك الخطيئة على قدر ما كان بينهم ، والذي تولى كبره ، يعنى الذي ولى الخطيئة بنفسه ، فهو أعظم إثما عند الله ، عز وجل وهو المأخوذ به ، قال : فإذا كانت خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره ، فهو مثل الغائب ، ومن غاب ورضى فهو كمن شهد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.