بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (11)

{ إِنَّ الذين *** جَاءوا بالإفك عُصْبَةٌ مّنْكُمْ } يعني جماعة منكم ، وهو ما قال عبد الله بن أبيّ وأصحابه : ما برئت عائشة من صفوان ، وما برىء عنها صفوان ، والعصبة عشرة ، فما فوقها ، كما قال الكلبي .

{ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ } ، يعني : عائشة ومن كان ينسبها والنبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ، { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ؛ لأنه لو لم يكن قولهم لم يظهر فضل عائشة رضي الله عنها وإنما ظهر فضل عائشة بما صبرت على المحنة ، فنزل بسببها سبع عشرة آية من القرآن من قوله : { إِنَّ الذين جَاءوا بالإفك } إلى قوله : { لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ووجه آخر ، بل هو خير لكم ، لأنه يؤخذ من حسناته ويوضع في ميزانه ، يعني : عائشة وصفوان ، وهذا خير له .

ثم قال : { لِكُلّ امرىء مّنْهُمْ مَّا اكتسب مِنَ الإثم } ، يعني : لكل واحد منهم العقوبة بمقدار ما شرع في ذلك الأمر ، لأن بعضهم قد تكلم بذلك ، وبعضهم ضحك ، وبعضهم سكت . فكل واحد منهم ما اكتسب من الإِثم بقدر ذلك .

{ والذى تولى كِبْرَهُ } ، يعني : الذي تكلم بالقذف { مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، يعني : الحد في الدنيا . فأقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد عليهم ، وكان حميد يقرأ { والذى تولى كِبْرَهُ } بضم الكاف ، يعني : عظمه . قال أبو عبيد : والقراءة عندنا بالكسر ، وإنما الكبر في النسب وفي الولاء .