ثم شرع بعض أحوال المشركين في القيامة فقال : { ويوم نحشرهم } منصوب بإضمار «اذكر » أو ظرف متعلق بتبلو أي في يوم كذا تبلو كل نفس . وحاصل الكلام أنه يحشر العابد والمعبود ليسألوا فيتبرأ المعبود من العابد خلاف ما كانوا يزعمون من قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله . وفيه إشارة إلى أن الممكن لا نسبة له إلى الواجب الحق ، فإذا اتخذ الممكن معبوداً بريء من ذلك في مقام لا ينفع إلا لصدق . قال في الكشاف : { مكانكم } أي الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما نفعل بكم . وعند أبي علي هو اسم من أسماء الأفعال وحركته حركة بناء وهو كلمة وعيد عند العرب . و { أنتم } لتأكيد المضير في { مكانكم } لسده مسد قوله : «الزموا » . { وشركاؤكم } عطف عليه . { فزيلنا بينهم } ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم في الدنيا . قيل : عين الكلمة «واو » لأنه من زال يزول . وإنما قلبت ياء لأن وزن الكلمة «فعيل » أي زيولنا مثل بيطره أعل إعلال سيد . وقيل : هي من زلت الشيء أزيله ، فعينه على هذا ياء والوزن «فعل » ونظير زيلنا قوله : { ونادى أصحاب الأعراف } [ الآية : 48 ] لأن حكم الله بأنه سيكون كالكائن { وقال شركاؤهم } في صحة هذه الإضافة وجوه منها : أنهم جعلوا نصيباً من أموالهم لتلك الأصنام فهم شركاؤهم . ومنها أنهم متشاركون في الخطاب في قوله : { مكانكم } ومنها أنهم أثبتوا هذه الشركة والشركاء . وقيل : هم الملائكة لقوله : { ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } وقيل : كل من عبد من دون الله . وقيل : الأصنام لأن هذا الخطاب مشتمل على التهديد وأنه لا يليق بالملائكة المقربين . وكيف تنطق هذه الأصنام ؟ وقيل : لأن الله يخلق فيهم الحياة والعقل والنطق . ثم هل يبقيهم أو يفنيهم ؟ الكل محتمل ولا اعتراض لأحد عليه . وقيل : يخلق فيهم الكلام فقط . وهذا الخطاب تهديد في حق العابدين فهل يكون تهديداً في حق المعبودين ؟ قالت المعتزلة لا ، لأنه لا ذنب للمعبودين ومن لا ذنب له يقبح من الله تهديده وتخويفه . وقالت الأشاعرة : لا يسأل عما يفعل . أما قول الشركاء { ما كنتم إيانا تعبدون } وهم كانوا قد عبدوهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.