غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ} (28)

21

ثم شرع بعض أحوال المشركين في القيامة فقال : { ويوم نحشرهم } منصوب بإضمار «اذكر » أو ظرف متعلق بتبلو أي في يوم كذا تبلو كل نفس . وحاصل الكلام أنه يحشر العابد والمعبود ليسألوا فيتبرأ المعبود من العابد خلاف ما كانوا يزعمون من قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله . وفيه إشارة إلى أن الممكن لا نسبة له إلى الواجب الحق ، فإذا اتخذ الممكن معبوداً بريء من ذلك في مقام لا ينفع إلا لصدق . قال في الكشاف : { مكانكم } أي الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما نفعل بكم . وعند أبي علي هو اسم من أسماء الأفعال وحركته حركة بناء وهو كلمة وعيد عند العرب . و { أنتم } لتأكيد المضير في { مكانكم } لسده مسد قوله : «الزموا » . { وشركاؤكم } عطف عليه . { فزيلنا بينهم } ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم في الدنيا . قيل : عين الكلمة «واو » لأنه من زال يزول . وإنما قلبت ياء لأن وزن الكلمة «فعيل » أي زيولنا مثل بيطره أعل إعلال سيد . وقيل : هي من زلت الشيء أزيله ، فعينه على هذا ياء والوزن «فعل » ونظير زيلنا قوله : { ونادى أصحاب الأعراف } [ الآية : 48 ] لأن حكم الله بأنه سيكون كالكائن { وقال شركاؤهم } في صحة هذه الإضافة وجوه منها : أنهم جعلوا نصيباً من أموالهم لتلك الأصنام فهم شركاؤهم . ومنها أنهم متشاركون في الخطاب في قوله : { مكانكم } ومنها أنهم أثبتوا هذه الشركة والشركاء . وقيل : هم الملائكة لقوله : { ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } وقيل : كل من عبد من دون الله . وقيل : الأصنام لأن هذا الخطاب مشتمل على التهديد وأنه لا يليق بالملائكة المقربين . وكيف تنطق هذه الأصنام ؟ وقيل : لأن الله يخلق فيهم الحياة والعقل والنطق . ثم هل يبقيهم أو يفنيهم ؟ الكل محتمل ولا اعتراض لأحد عليه . وقيل : يخلق فيهم الكلام فقط . وهذا الخطاب تهديد في حق العابدين فهل يكون تهديداً في حق المعبودين ؟ قالت المعتزلة لا ، لأنه لا ذنب للمعبودين ومن لا ذنب له يقبح من الله تهديده وتخويفه . وقالت الأشاعرة : لا يسأل عما يفعل . أما قول الشركاء { ما كنتم إيانا تعبدون } وهم كانوا قد عبدوهم .