الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ} (28)

قوله : { ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم{[30890]} } إلى قوله { لغافلين }[ 28-29 ] { مكانكم } :

نصب بإضمار فعل ، والمعنى : امكثوا مكانكم ، وقفوا موضعكم . ( جميعا ) : حال ( من الهاء والميم ){[30891]} في نحشرهم .

والمعنى : نحشرهم لموقف الحساب ، ثم نقول للذين أشركوا بالله سبحانه{[30892]} غيره{[30893]} ، { مكانكم أنتم وشركاؤكم }[ 28 ] : أي : انتظروا حتى{[30894]} يفصل بينكم . و( مكانك وانتظر ) : فتوعد بهما{[30895]} العرب{[30896]} .

{ فزيلنا بينهم }[ 28 ] : أي : فرقنا بين المشركين وما كانوا يعبدون من دون الله{[30897]} ، من قولهم : زلت الشيء عن الشيء فأنا أزيله : إذا أنْحَيْتُهُ ، وزيلنا على{[30898]} التكثير{[30899]} .

وحكى الفراء أنه قرأ ( فزايلنا ){[30900]} . يقال : لا أزايل فلانا : أي : لا أفارقه ، لا أخاتله . فمعنى زايلنا : معنى : زيلنا . والعرب تفعل ذلك في ( فعَّلت ) يلحقون{[30901]} أحيانا الألف مكان التشديد فتقول{[30902]} : فاعلت ، والفعل واحد{[30903]} .

{ وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون }[ 28 ] : أي : تقول آلهتهم التي عبدوها في الدنيا ( لهم ) : لم تكونوا إيانا تعبدون لأنا{[30904]} ما كنا نسمع ، ولا نبصر ، ولا نعقل ، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا .

قال مجاهد : تكون يوم القيامة ساعة فيها شدة{[30905]} تنصب لهم آلهتهم التي كانوا يعبدون . فتقول الآلهة : والله ما كنا نسمع ، ولا نبصر ، ولا نعقل{[30906]} ، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا . فيقولون : والله{[30907]} لإياكم كنا نعبد{[30908]} ، فتقول لهم الآلهة : { فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين{[30909]} }{[30910]} [ 29 ] .

وكان مجاهد يتأول الحشر هنا الموت{[30911]} .


[30890]:ط: مطموس.
[30891]:ساقط من ط.
[30892]:ساقط من ق.
[30893]:وزاد في ط: جلت عظمته. وانظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/77.
[30894]:ط: مطموس.
[30895]:ط: بما.
[30896]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/16.
[30897]:انظر هذا التفسير في: غريب القرآن 196، وجامع البيان 15/78.
[30898]:ق: عن.
[30899]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/16.
[30900]:انظر هذه القراءة في: معاني الفراء 1/462، وإعراب النحاس 2/252. انظر اللسان:زيل.
[30901]:ق: تلحقون.
[30902]:ط: فيقول.
[30903]:ط: من واحد، وانظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 1/462، وجامع البيان 15/78.
[30904]:ق: لأننا.
[30905]:ط: سدة.
[30906]:ط: زاد: ولا نبصر.
[30907]:وقع اضطراب كبير في ترتيب بضع صفحات من النسخة "ط" هذا أوله انظر تفصيل ذلك في المقدمة ضمن وصف هذه النسخة.
[30908]:ط: كما تعبد.
[30909]:ق: ما كنا عن عبادتكم لغافلين. ط: ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين.
[30910]:وهو قول الطبري في: جامع البيان: 15/78-79.
[30911]:انظر هذا التأويل في: جامع البيان 11/79.