{ و } اذكر { يوم نحشرهم } أي : الفريقين الناجين والهالكين ، العابدين منهم والمعبودين ، من كل جانب وناحية إلى موقف الحساب حال كونهم { جميعاً } لا يتخلف منهم أحد وهو يوم القيامة والحشر الجمع بكره إلى موقف واحد { ثم نقول للذين أشركوا مكانكم } أي : الزموا مكانكم لا تبرحوا منه حتى تنظروا ما يفعل بكم ، وقوله تعالى : { أنتم } تأكيد للضمير المستتر في الفعل المقدّر ليعطف عليه { وشركاؤكم } أي : من كنتم تعبدونه من دون الله { فزيلنا } أي : فرّقنا { بينهم } أي : بين المشركين وشركائهم وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا ، وذلك حين تبرأ كل معبود من دون الله ممن عبده ، وقيل : فرّقنا بينهم وبين المؤمنين كما في آية { وامتازوا اليوم أيها المجرمون } [ يس ، 59 ] والأوّل أنسب بقوله تعالى : { وقال شركاؤهم } لهؤلاء المشركين { ما كنتم إيانا تعبدون } أي : إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمروكم أن تتخذوا لله أنداداً فأطعتموهم ، واختلفوا في المراد بهؤلاء الشركاء . فقال بعضهم : الملائكة واستشهدوا بقوله تعالى : { ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } [ سبأ ، 40 ] . ومنهم من قال : هي الأصنام ، والدليل عليه : أنّ هذا الخطاب مشتمل على الوعيد والتهديد ، وذلك لا يليق بالملائكة المقرّبين ، وسموا شركاء ؛ لأنهم جعلوا نصيباً من أموالهم لتلك الأصنام فصيروهم شركاء لأنفسهم في تلك الأموال ، ثم اختلفوا في هذه الأصنام كيف ذكرت هذا الكلام فقال بعضهم : إنّ الله تعالى خلق الحياة والعقل والنطق فيها فقدرت على ذكر هذا الكلام . وقال آخرون : إنّ الله تعالى خلق فيها الكلام من غير أن يخلق فيها الحياة حتى سمع منها ذلك الكلام . والأوّل أظهر ؛ لأنّ ظاهر قوله تعالى : { وقال شركاؤهم } يقتضي أن يكون فاعل ذلك القول هو الشركاء .
فإن قيل : إذا أحياها الله تعالى هل يبقيها أو يفنيها ؟ أجيب : بأنَّ الكل محتمل فإنّ الله تعالى يفعل في خلقه ما يشاء ، وأحوال القيامة غير معلومة إلا القليل الذي أخبر الله تعالى عنه في القرآن وعلى لسان أنبيائه . وقال بعضهم : المراد بهؤلاء الشركاء كل من عبد من دون الله من إنس وملك وجنّ وشمس وقمر وصنم ، وهذا أظهر ، وعلى هذا والأوّل سموا شركاء ؛ لأنّ الله تعالى لما خاطب العابدين والمعبودين بقوله تعالى : { مكانكم } صاروا شركاء في هذا الخطاب ، ولما قال لهم شركاؤهم ذلك قالوا بل كنا نعبدكم فقال شركاؤهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.