غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ} (2)

/خ6

ثم الخطاب مع جميع الكفار أو مع بعضهم ، وعلى الأول يدخله التخصيص لا محالة ؛ لأن فيهم من يعبد الله كأهل الكتاب ، فلا يجوز أن يقول لهم { لا أعبد ما تعبدون } ، وفيهم من آمن بعد ذلك ، فلا يجوز أن يخبر عنهم بقوله { ولا أنتم عابدون ما أعبد } ، وعلى الثاني يكون خطاباً لبعض الكفرة المعهودين الحاضرين ، وهم الذين قالوا : نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة ، ولا يلزم التخصيص فيكون أولى . أما ظاهر التكرار الذي وقع في هذه السورة ففيه قولان : أحدهما أنه للتأكيد ، وأي موضع أحوج إلى التأكيد من هذا المقام ، فإنهم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما طلبوا منه مراراً ، وسكت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجواب ، فوقع في قلوبهم أنه قد مال إلى دينهم بعض الميل . وروي أنهم ذكروا قولهم : تعبد إلهنا مدة ونعبد إلهك مدة مرتين ، فأجيبوا مكرراً على وفق قولهم وهو نوع من التهكم ، فإن من كرر الكلمة الواحدة لغرض فاسد قد يجاب عنه بنفيه مكرراً للاستخفاف وحسم مادة الطمع . القول الثاني : إن الأول للمستقبل وعلامته لا التي هي للاستقبال ، بدليل أن " لن " نفي للاستقبال على سبيل التوكيد أو التأبيد . وزعم الخليل أن أصله " لا أن " ، والثاني للحال ، والمعنى لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم .

/خ6