غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۭ} (5)

1

والأكثرون على أن المراد بقوله { حمالة الحطب } أنها كانت تمشي بالنميمة ، يقال للنمام المفسد بين الناس : إنه يحمل الحطب بينهم ، أي يوقد بينهم النائرة . ويقال للمكثار : هو كحاطب ليل . وقال أبو مسلم وسعيد بن جبير : أراد ما حملت من الآثام في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه كان كالحطب في مصيره إلى النار نظيره { فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً } [ الأحزاب :58 ] { وليحملن أثقالهم } [ العنكبوت :13 ] يروى عن أسماء أنه لما نزلت السورة جاءت أم جميل ، ولها ولولة ، وبيدها حجر ، فدخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ومعه أبو بكر ، وهي تقول :

مذمماً قلينا ودينه أبينا وحكمه عصينا

فقال أبو بكر : يا رسول الله ، قد أقبلت إليك ، فأنا أخاف أن تراك . فقال صلى الله عليه وسلم : إنها لا تراني ، وقرأ { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } [ الإسراء :45 ] ، فقالت لأبي بكر : قد ذكر لي أن صاحبك هجاني . فقال أبو بكر : لا ورب الكعبة ما هجاك . قالت العلماء : لعل أبا بكر عني بذلك أن الله تعالى قد هجاها ، ولم يهجها الرسول ، أو اعتقد أن القرآن لا يسمى هجواً . ثم إن أم جميل ولت ، وهي تقول : قد علمت قريش أني بنت سيدها . قال الواحدي : المسد في كلام العرب الفتل . يقال : مسد الحبل مسداً إذا أجاد فتله . ورجل ممسود إذا كان مجدول الخلق . والمسد -بالتحريك- ما مسد ، أي فتل من أي شيء كان ، كالليف والخوص وجلود الإبل والحديد . وقد عرفت معنى قوله { في جيدها حبل من مسد } على رأي بعض أهل التفسير . وقال الآخرون : المعنى أن حالها تكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها في المعنى عند النميمة ، أو في الظاهر حين كانت تحمل الحزمة من الشوك ، فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم ، وفي جيده حبل من سلاسل النار .

/خ5