غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

1

ثم ذكر أن التولي عن الأوامر المذكورة باطناً كالتولي عنها ظاهراً فقال : { ألا إنهم يثنون } يقال ثنى صدره عن الشيء إذا ازورَّ عنه وانحرف وطوى عنه كشحاً .

قال المفسرون : وههنا إضمار أي يثنون صدورهم ويريدون { ليستخفوا منه } أي من الله . ثم كرر كلمة { ألا } تنبيهاً على وقت استخفائهم وهو { حين يستغشون ثيابهم } أي يريدون الاستخفاء في وقت استغشاء الثياب . قال الكلبي : ثني صدورهم كناية عن نفاقهم لما روي أن طائفة من المشركين منهم الأخنس بن شريق قالوا : إذا أغلقنا أبوابنا وأبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد فكيف يعلم بنا . وعلى هذا لا حاجة إلى الإضمار . وقيل : إنه حقيقة ، وذلك أن بعض الكفار كان إذا مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وولى ظهره واستغشى ثيابه لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتلو من القرآن ، وليقول في نفسه ما يشتهي من الطعن . ثم استأنف قوله : { يعلم ما يسرون وما يعلنون } تنبيهاً على أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء لأنه تعالى عالم بالسرائر كما أنه عالم بالظواهر . ثم أكد كونه عالماً بكل المعلومات بكونه كافلاً لأرزاق جميع الحيوانات ضامناً لمصالحها ومهامها فضلاً وامتناناً وكرماً وإحساناً فقال : { وما من دابة } .

/خ24