غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمان الرحيم

الجزء الثاني عشر من أجزاء القرآن الكريم

سورة هود مكية غير آية قوله { وأقم الصلاة طرفي النهار } وحروفها سبعة آلاف وست مائة وخمسة وكلامها ألف وسبع مائة وخمسة عشر وآياتها مائة وثلاثة وعشرون .

1

التفسير : { آلر } إن كان اسماً للسورة فما بعده خبره ، وإن كان وارداً على سبيل التعديد أو كان معناه أنا الله أرى فقوله : { كتاب } خبر مبتدأ محذوف أي هذا الكتاب . والإِشارة إما إلى هذا البعض وإما إلى مجموع القرآن . ومعنى { أحكمت } نظمت نظماً رصيناً من غير نقض ونقص ، أو جعلت حكيمة من حكم بالضم إذا صار حكيماً . أو منعت من الفساد والبطلان من قوله : أحكمت الدابة وضعت عليها الحكمة لتمنعها من الجماح . أي لم ينسخ بكتاب سواه كما نسخ سائر الكتب وذلك لاشتماله على العلوم النظرية والعلمية والظاهرية والباطنية وعلى أصول جميع الشرائع ، فلا محالة لا يتطرق إليه تبديل وتغيير . { ثم فصلت } كما تفصل القلائد بالفرائد من دلائل التوحيد والنبوة والأحكام والمواعظ والقصص ، لكل معنى من هذه المعاني فصل انفرد به . أو جعلت فصولاً سورة سورة وآية وآية ، أو فرقت في التنزيل ولم تنزل جملة واحدة ، أو فصل فيها تكاليف العباد وبين ما يحتاجون إليه في إصلاح المعاش والمعاد . ومعنى " ثم " التراخي في الحال كقولك : فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل . و { أحكمت } صفة كتاب . و{ من لدن } صفة ثانية أو خبر بعد خبر أو صلة لأحكمت وفصلت أي من عنده إحكامها وتفصيلها . وفي قوله : { حكيم خبير } لف ونشر لأن المعنى أحكمها حكيم وفصلها خبير عالم بمواقع الأمور . احتج الجبائي بقوله : { أحكمت ثم فصلت } على كون القرآن محدثاً لأن الإحكام والتفصيل يكون بجعل جاعل ، وكذا بقوله : { من لدن } لأن القديم لا يصدر من القديم . وأجيب بأنه لا نزاع في حدوث الأصوات والحروف وإنما النزاع في الكلام النفسي .

/خ24