غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا يَنفَعُكُمۡ نُصۡحِيٓ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (34)

وقوله : { ولا ينفعكم نصحي } كقول القائل لامرأته : أنت طالق إن دخلت الدار إن أكلت الخبز لم يقع الطلاق إلا إذا دخل الدار فأكل الخبز . ولهذا قال الفقهاء : المؤخر في اللفظ مقدم في المعنى فكأنه قيل : { إن كان الله يريد أن يغويكم } فإن أردت أن أنصح لكم لم ينفعكم نصحي . واحتجاج الأشاعرة بالآية ظاهر . وأجابت المعتزلة بأنه لا يلزم من فرض أمر وقوعه ، ولعل نوحاً إنا قال ذلك ليبين لهم أنه تعالى بنى أمر التكليف على الاختيار وإلا لم يكن للنصح فائدة ، ولو تشبث الخصم بالجبر لزم إفحام النبي . ومن الجائز أن يراد بالإغواء التعذيب من غوى الفصيل إذا بشم فهلك ، أو يراد به الخيبة كقوله : { فسوف يلقون غياً } [ مريم :59 ] أي خيبة من خير الآخرة ، أو يراد به منع الألطاف وقد تقدم أمثال ذلك مراراً . ثم أشار إلى المبدإ والمعاد بقوله : { هو ربكم وإليه ترجعون } .

/خ49