غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَآءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِي قَوۡمِ لُوطٍ} (74)

{ فلما ذهب عن إبراهيم الروع } الخوف الذي لحقه حين أنكر أضيافه { وجاءته البشرى } البشارة بحصول الولد { يجادلنا في قوم لوط } في معناهم وفي شأنهم وهو جواب " لما " على حكاية الحال ، أو لأن " لما " ترد المضارع إلى الماضي عكس " إن " ، ويحتمل أن يكون جواب " لما " محذوفاً دل عليه { يجادلنا } أي اجترأ على خطابنا أو قال كذا ، ثم ابتدأ فقال : { يجادلنا } . وقيل : معناه أخذ يجادلنا ولابد من حذف مضاف أي يجادل رسلنا لا بمعنى مخالفة أمر الله فإن ذلك يكون معصية بل سعياً في تأخير العذاب عنهم رجاء إيمانهم وتوبتهم . ويروى أنهم قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية فقال : أرأيتم لو كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونها ؟ قالوا : لا قال : فأربعون ؟ قالوا : لا حتى بلغ العشرة قالوا لا . قال : فإن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا . فعند ذلك { قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لنُنَجِّيَنهُ وأهله } [ العنكبوت :32 ] قال الأصوليون : إن إبراهيم كان يقول : إن أمر الله ورد بايصال العذاب ومطلق الأمر لا يوجب الفور ، والملائكة يدعون الفور إما للقرائن أو لأن مطلق الأمر يستدعي ذلك ، فهذه هي المجادلة . أو لعل إبراهيم كان يدعي أن الأمر مشروط لم يحصل بعدوهم لا يسلمون . وبالجملة فإن العلماء يجادل بعضهم بعضاً عند التمسك بالنصوص وليس يوجب القدح في واحد منهم فكذلك ههنا ولذلك مدحه بقوله : { إن إبراهيم لحليم } .

/خ69