الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَآءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِي قَوۡمِ لُوطٍ} (74)

{ فلما ذهب عن إبراهيم الروع }[ 74 ] : أي : لما{[32875]} سكن خوفه من الرسل ، وعلم منهم من هم .

قال الأخفش ، والكسائي : قوله : ( يجادلنا ) . في موضع جادلنا{[32876]} ، لأن جواب ( لما ) يكون بالماضي ، وقبل ( يجادلنا ) في موضع الحال . ومعنى يجادلنا : أي : يطلب{[32877]} . وقيل : في قوم لوط . وقيل : المعنى : يخاصم رسلنا في قوم لوط .

قال ابن جريج : قال إبراهيم للرسل : أتهلكونهم إن وجدتم{[32878]} فيهم مائة رجل مؤمن ؟ قالوا : لا . ثم قال : فتسعين ؟ حتى هبط إلى خمسة ، وكان في قرية لوط أربعة آلف ألف ، يجادل الرسل عن قوم لوط ، ليرد عنهم العذاب{[32879]} .

وقيل : إنه لم يزل يقول : أرأيتم إن وجدتم فيهم كذا ، وكذا مؤمنا{[32880]} أتهلكونهم ؟ فيقولون : لا حتى بلغ إلى أن قال : أرأيتم إن وجدتم فيها{[32881]} واحدا مسلما ؟ قالوا : لا . فلم يخبر إبراهيم أن فيهم{[32882]} رجلا{[32883]} واحدا ، يدفع{[32884]} عنهم به البلاء . قال لهم : إن فيها لوطا{[32885]} يدفع{[32886]} عنهم به العذاب . { قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته }{[32887]} .

وقد بين الله ، جل ذكره ، ذلك في سورة ( والذاريات ) فقال : { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين }{[32888]} يعني : بيت لوط إلا امرأته .

وقيل معنى : { يجادلنا في قوم لوط }[ 74 ] : أي : في المؤمنين منهم خاصة{[32889]} ، ثم قالوا{[32890]} : { يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتاهم عذاب غير مردود }[ 76 ] . قال ابن عباس : قال الملك لإبراهيم : إن كان فيهم{[32891]} خمسة يصلون رفع عنهم العذاب{[32892]} .


[32875]:ط: مطموس.
[32876]:انظر هذين القولين في: إعراب النحاس 2/294-295.
[32877]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 2/23 وإعراب النحاس 2/285.
[32878]:ساقط من ق.
[32879]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/405، ولم ينسبه الزجاج في معانيه 3/65.
[32880]:ق: مؤمن.
[32881]:ساقط من ط.
[32882]:ط: فيها.
[32883]:ق: رجل.
[32884]:ق: فرفع.
[32885]:ق: لوط.
[32886]:ق: ترفع.
[32887]:العنكبوت: 31، وهو قول ابن إسحاق في جامع البيان 15/404-405.
[32888]:الذاريات: 26.
[32889]:ذهب ابن عطية في المحرر 9/193: إلى أن التأويل ضعيف، وذلك لأن أمر إبراهيم، عليه السلام بالإعراض عن المجادلة، يقتضي أنها إنما كانت في الكثرة حرصا عليهم.
[32890]:ق: قال.
[32891]:ط: فيها.
[32892]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/403.