غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَآءَهُۥ قَوۡمُهُۥ يُهۡرَعُونَ إِلَيۡهِ وَمِن قَبۡلُ كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ} (78)

69

{ وجاءه قومه يهرعون إليه } قال أبو عبيدة : يستحثون إليه كأنه يحث بعضهم بعضاً . وقال الجوهري : الإهراع الإسراع . وأهرع الرجل على ما لم يسم فاعله فهو مهرع إذا كان يرعد من حمى أو غضب أو فزع ، وقيل : إنما لم يسم فاعله للعلم به . والمعنى أهرعه خوفه أو حرصه . ثم بين إسراعهم إنما كان لأجل العمل الخبيث فقال : { ومن قبل كانوا يعملون السيئات } الفواحش فمرنوا عليها فلذلك جاؤوا مجاهرين لا يكفهم حياء . وقيل : معناه وكان لوط قد عرف عادتهم في ذلك العمل قبل ذلك فأراد أن يقي أضيافه ببناته فقال : { هؤلاء نباتي } عن قتادة : بناته من صلبه . وعن مجاهد وسعيد بن جبير : أراد نساء أمته لأن النبي كالأب لأمته . واختير هذا القول لأن عرض البنات الحقيقيات على الفجار لا يليق بذوي المروءات . ولأن اللواتي من صلبه لا تكفي للجمع العظيم ، ولما روي أنه لم يكن له إلا بنتان وأقل الجمع ثلاثة . والقائلون بالقول الأول قالوا ما دعا القوم إلى الزنا بهن وإنما دعاهم إلى التزوج بهن بعد الإيمان أو مع الكفر ، فلعل تزويج المسلمات من الكفار كان جائزاً كما في أول الإسلام ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه من عتبة بن أبي لهب وأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى - وهما كافران - فنسخ بقوله :

{ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } [ البقرة :221 ] وقيل : كان لهم سيدان مطاعان فأراد أن يزوجهما ابنتيه ، وقيل : إن بناته كن أكثر من ثنتين . ويجوز أن يكون قد عرض البنات عليهم لا بطريق الجد بل طمعاً فيهم أن يستحيوا منه ويرقوا له . و { أطهر } بمعنى الطاهر لأنه لا طهارة في نكاح الرجال { فاتقوا الله } بإيثارهن عليهم { ولا تخزون } ولا تفضحوني من الخزي أو لا تخجلوني من الخزاية وهي الحياء . { في ضيفي } في حق أضيافي فخزي الضيف والجار يورث للمضيف العار والشنار . والضيف يستوي فيه الواحد والجمع ويجوز أن يكون مصدراً . { أليس منكم رجل رشيد } صالح أو مصلح مرشد يمنتع أو يمنع عن مثل هذا العمل القبيح .

/خ69