الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَآءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِي قَوۡمِ لُوطٍ} (74)

والرَّوْع : الفزع ، قال الشاعر :

2687 إذا أخَذَتْها هِزَّةُ الرَّوْعِ أَمْسَكَتْ *** بمَنْكِبِ مِقْدامٍ على الهَوْلِ أرْوَعَا

يقال : راعَه يَرُوْعُه أي : أفزعه ، قال عنترة :

2688 ما راعني إلا حَمولةُ أهلِها *** وسطَ الديار تَسِفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

وارتاع : افتعل منه . قال النابغة :

2689 فارتاعَ من صَوْتِ كَلاَّبِ فباتَ له *** طَوْعَ الشَّوامِتِ من خوفٍ ومن صَرَدٍ

وأمَّا الرُّوْعُ بالضم فهي النفسُ لأنها محلُّ الرَّوْع ، ففرَّقوا بين الحالِّ والمَحَلِّ . وفي الحديث : " إنَّ رُوْحَ القدس نفث في رُوْعي " .

قوله : { وَجَآءَتْهُ الْبُشْرَى } عطف على " ذَهَب " وجوابُ " لَمَّا " على هذا محذوفٌ أي : فلما اكن كيت وكيت اجترأ على خطابهم ، أو فَطِن لمجادلتهم ، وقوله : " يُجادلنا " على هذا جملةٌ مستأنفة ، وهي الدالَّةُ على ذلك الجوابِ المحذوفِ . وقيل : تقديرُ الجواب : أقبل يجادِلُنا ، فيجادلُنا على هذا حالٌ من فاعل " أَقبل " . وقيل : جوابها قوله : " يجادِلُنا " وأوقع المضارعَ موقعَ الماضي . وقيل : الجوابُ قولُه { وَجَآءَتْهُ الْبُشْرَى } ، وهو الجوابُ والواوُ زائدةٌ . وقيل : " يجادلنا " حال من " إبراهيم " ، وكذلك قولُه : " وجاءَتْه البشرى " و " قد " مقدرةٌ . ويجوز أن يكونَ " يجادِلُنا " حالاً من ضمير المفعول في " جاءَتْه " . و " في قوم " أي : في شأنهم .