غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَلِكِ ٱلنَّاسِ} (2)

1

ثم لا يزال ينتقل من معرفة هذه الصفة إلى صفات جلاله ، ونعوت كبريائه ، فيعرف كونه ملكاً قيوماً ، ثم إذا خاض في بحر العرفان ، وغرق في تياره ، وله عقله ، وتاه لبه ، فيعرف أنه فوق وصف الواصفين فيسميه إلهاً ، من وله إذا تحير . وتكرير لفظ " الناس " في السورة للتشريف ، كأنه عرف ذاته في خاتمة كتابه الكريم بكونه رباً وملكاً وإلهاً لهم ، أو لأن عطف البيان يحتاج إلى مزيد الكشف والتوضيح ، ولو قيل : إن الثاني بدل الكل من الأوّل ، فالأحسن أيضاً وضع المظهر مقام المضمر كيلا يكون المقصود مفتقراً إلى ما ليس بمقصود في الظاهر مع رعاية فواصل الآي . وقيل : لا تكرار في السورة ؛ لأن المراد بالأوّل الأطفال ، ومعنى الربوبية يدل عليه لشدّة احتياجهم إلى التربية ، وبالثاني الشبان ، ولفظ " الملك " المنبئ عن السياسة يدل عليه لمزيد افتقارهم إلى الزجر لقوّة دواعي الشهوة والغضب فيهم مع أن العقل الصادق لم يقو بعد ، ولم يستحكم ، وبالثالث الشيوخ .

/خ6