غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الناس مكية ، وقيل : مدنية . حروفها تسعة وسبعون . كلمها عشرون . آياتها ست ) .

1

التفسير : إنه تعالى رب جميع المحدثات ، ولكنه خص الناس هاهنا بالذكر للتشريف ، ولأن الاستعاذة لأجلهم ، فكأنه قيل : أعوذ من شر الوسواس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم وهوالهم ومعبودهم ، كما يستغيث بعض الموالي إذا دهمهم أمر بسيدهم ومخدومهم وولي أمرهم .

وقوله { ملك الناس } { إله الناس } عطف ثانٍ ؛ لأن الرب قد لا يكون ملكاً ، كما يقال " رب الدار " ، والملك قد لا يكون إلهاً . وفي هذا الترتيب لطف آخر ، وذلك أنه قدم أوائل نعمه إلى أن تم ترتيبه ، وحصل فيه العقل ، فحينئذ عرف بالدليل أنه عبد مملوك ، وهو ملك تفتقر كل الأشياء إليه ، وهو غني عنهم ، ثم علم بالدلائل العقلية والنقلية أن العبادة لازمة له ، وأن معبوده يستحق العبادة .

ويمكن أن يقال : أوّل ما يعرف العبد من ربه هو كونه مربوباً له ، منعماً عليه بالنعم الظاهرة والباطنة .