وبالخامس المفسدون والأشرار لأنه بيان الموسوس فإن الوسواس الخناس قد يكون من الجنة وقد يكون من الناس كما قال { شياطين الجن والإنس } [ الأنعام : 112 ] ، والخناس هو الذي من شأنه أن يخنس ، أي يتأخر ، وقد مر في قوله تعالى { فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس } [ التكوير :15 ] عن سعيد بن جبير : إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولى ، وإذا غفل وسوس إليه .
فكما أن شيطان الجن يوسوس تارة ، ويخنس أخرى ، فكذلك شيطان الإنس يرى نفسه كالناصح المشفق ، فإن زجره السامع انخنس وترك الوسوسة ، وإن تلقى كلامه بالقبول بالغ فيه حتى نال منه . وقال قوم : الناس الرابع يراد به الجن الإنس جميعاً ، وهو اسم للقدر المشترك بين النوعين ، كما روي أنه جاء نفر من الجن فقيل لهم : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجن . وقد سماهم الله رجالاً في قوله { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } [ الجن :6 ] . والناس الخامس هو المخصوص بالبشر ، ومعنى الآية على هذا التقدير أن هذا الوسواس الخناس لا يقتصر على إضلال البشر ، ولكنه يوسوس للنوعين ، فيكون قوله { من الجنة والناس } بياناً للناس . وفي هذا القول نوع ضعف ؛ لأنه يعد تسليم أن لفظ " الناس " يطلق على القدر المشترك يستلزم الاشتراك المخل بالفهم . وذكر صاحب الكشاف أنه إن جعل قوله { من الجنة والناس } بياناً للناس فالأولى أن يقال : الناس محذوف اللام ، كقولك الداع والقاض . قال الله تعالى :{ أجيب دعوة الداع } [ البقرة :186 ] ، وحينئذ يكون تقسيمه إلى الجن والإنس صحيحاً ؛ لأنهما النوعان اللذان ينسيان حق الله تعالى . وقيل { من الجنة والناس } بدل من { الوسواس } ، كأنه استعاذ بربه من ذلك الشيطان الواحد ، ثم عمم فاستعاذ به من جميع الجنة والناس .
وقوله { من شر الوسواس } المضاف محذوف ، أي من شر ذي الوسواس ، وهو اسم بمعنى الزلزلة . وأما المصدر فوسواس بالكسر ، ويحسن أن يقال سمي الشيطان به ؛ لأنه كأنه وسوسة في نفسه ؛ لأنها صنعته وعمله الذي هو عاكف عليه نظيره { إنه عمل غير صالح } [ هود :46 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.