غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ} (55)

54

فقال يوسف : { اجعلني على خزائن الأرض } اللام للعهد أي ولني خزائن أرض مصر . والخزائن جمع الخزانة وهي اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء أي يحفظ { إني حفيظ } للأمانات وأموال الخزائن { عليم } بوجوه التصرف فيها على وجه الغبطة والمصلحة . وقيل : حفيظ لوجوه أياديكم عليم بوجوب مقابلتها بالطاعة والشفقة . قال الواحدي : هذا الطلب خطيئة منه فكانت عقوبته أن أخر عنه المقصود سنة . عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته لكن لما قال ذلك أخره الله تعالى عنه سنة " وقال آخرون : إن التصرف في أمور الخلق كان واجباً عليه لأن النبي يجب عليه رعاية الأصلح لأمته بقدر الإمكان ، وقد علم بالوحي أنه سيحصل القحط والضنك فأراد السعي في إيصال النفع إلى المستحقين ودفع الضرر عنهم ، وإذا علم النبي أو العالم أنه لا سبيل إلى دفع الظلم والضر عن الناس إلا بالاستعانة من كافر أو فاسق فله أن يستظهر به ، على أن مجاهداً قد زعم أن الملك كان قد أسلم . وقيل : كان الملك يصدر عن رأيه فكان في حكم التابع لا المتبوع . ووصف نفسه عليه السلام بالحفظ والعلم على سبيل المبالغة لم يكن لأجل التمدح ولكن للتوصل إلى الغرض المذكور .

/خ68