غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

30

ثم عقب الوعيد بالوعد فقال :{ مثل الجنة } وتقديره عند سيبويه فيما قصصنا عليكم في الجنة . وقال غيره : الخبر { تجري } كما تقول صفة زيد أسمر . وقال الزجاج : إنه تمثيل للغائب بالشاهد ومعناه مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار . وقيل : إن فائدة الخبر ترجع إلى قوله : { أكلها دائم } كأنه قال مثل الجنة { التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار } كما تعلمون من حال جناتكم إلا أن هذه { أكلها دائم } كقوله : { لا مقطوعة ولا ممنوعة } [ الواقعة :33 ] . { وظلها } دائم أيضاً . والمراد أنه لا حر هناك ولا برد ولا شمس ولا قمر ولا ظلمة ، وقد مر هذا البحث في سورة النساء في قوله :{ وندخله ظلاً ظليلاً } [ الآية :57 ] قيل : في الآية دلالة على أن حركات الجنة لا تنتهي إلى سكون دائم كما يقوله أبو الهذيل وأتباعه .

قال القاضي : وفيها دليل على أن الجنة لم تخلق بعد وإلا انقطع أكلها لقوله تعالى : { كل من عليها فان } [ الرحمن : 26 ] ،

{ كل شيء هالك إلا وجهه } [ القصص : 88 ] قال : ولم ننكر أن تحصل الآن في السموات جنات تتمتع بها الملائكة ومن يعد حياً من الأنبياء والشهداء وغيرهم إلا أن جنة الخلد خاصة إنما تخلق بعد الإعادة . وأجيب بأننا نخصص عموم كل شيء هالك بالدليل الدال على أن الجنة مخلوقة وهو قوله : { أعدت للمتقين } [ آل عمران : 133 ] .

/خ43