غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

43

{ أو يأخذهم على تخوف } على حالة تخوفهم وتوقعهم للبلاء بأن يكون قد أهلك قوماً قبلهم فكان أثر الخوف باقياً فيهم ظاهراً عليهم فهو خلاف قوله : { من حيث لا يشعرون } وقيل : التخوف التنقص والمعنى أنه يأخذهم بطريق النقص شيئاً بعد شيء في ديارهم وأموالهم وأنفسهم حتى يأتي الفناء على الكل . عن عمر أنه قال على المنبر : ما تقولون فيها ؟ فسكتوا : فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا التخوف التنقص فقال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم قال شاعرنا زهير :

تخوّف الرحل منها تامكاً قرداً *** كما تخوف عود النبعة السفن

قوله تامكا قرداً أي سناماً مرتفعاً متراكماً ، والسفن ما ينحت به الشيء ومنه السفينة لأنها تسفن وجه الماء بالمر في البحر . فقال عمر : أيها الناس عليكم بديوانكم . قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم . ثم ختم الآية بقوله : { فإن ربكم لرءُوف رحيم } فذهب المفسرون إلى أن معناه أنه يمهل في أكثر الأمر لأنه رءُوف رحيم فلا يعجل بالعذاب . وأقول : يحتمل أن يكون قوله " فإن " تعليلاً لقوله { أفأمن } كقوله : { ما غرك بربك الكريم } [ الانفطار : 6 ] .

/خ60