غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيۡهِ تَجۡـَٔرُونَ} (53)

43

ثم أنكر أن يكون الممكن مع شدة افتقاره إليه يخشى غيره ، فقال : { أفغير الله تتقون } ثم منّ عليهم بقوله : { وما بكم من نعمة فمن الله } " ما " بمعنى " الذي " ، وبكم صلته ، و { من نعمة } حال من الضمير في الجار ، أو بيان لما ، وقوله : { فمن الله } الخبر . وقيل : " ما " شرطية وفعل الشرط محذوف ، أي : ما يكن . وقال جار الله : معناه أي شيء حل بكم أو اتصل بكم من نعمة فهو من الله ، قال الأشاعرة : أفضل النعم نعمة الإيمان ، والآية تفيد العموم فهو من نعم الله . والنعمة إما دينية : وهي معرفة الحق لذاته ، ومعرفة الخير ؛ لأجل العمل به . وإما دنيوية نفسانية أو بدنية أو خارجة ، كالسعادات المالية وغيرها ، وكل واحدة من هذه جنس تحتها أنواع لا حصر لها والكل من الله ، فعلى العاقل أن لا يشكر إلا إياه . ثم بين تلون حال الإنسان بعد استغراقه في بحار نعم الله قائلاً : { ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون } ما تتضرعون إلا إليه . والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة .

/خ60