غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا} (22)

22

التفسير : لما أجمل أعمال البر في قوله : { وسعى لها سعيها وهو مؤمن } أخذ في تفصيل ذلك مبتدئاً بأشرفها الذي هو التوحيد فقال : { لا تجعل مع الله إلهاً آخر } والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر ولكنه في الحقيقة عام للمكلفين ، ويحسن أن يقال : إن الخطاب للإنسان كأنه قيل : يا أيها الإنسان لا تجعل أو القول مضمر أي قل لكل مكلف لا تجعل ومما يؤيد ذلك قوله : { وقضى ربك } فإن ذلك الخطاب لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن أبويه ما بلغا الكبر عنده . وانتصب قوله : { فتقعد } على أنه جواب للنهي والفاء في التحقيق عاطفة والتقدير : لا يكن منك جعل فقعود . وفيه وجوه منها . أن المراد به المكث يقال : ما يصنع فلان فيقال هو قاعد بأسوأ حال أي ماكث سواء كان قائماً أو جالساً . ومنها أن من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادماً متفكراً على ما فرط منه ، فالقعود على هذا حقيقة . ومنها أنه كناية عن عدم القدرة على تحصيل الخيرات فإن السعي فيه إنما يتأتى بالقيام والعجز عنه يلزمه أن يبقى قاعداً عن الطلب . ومنه أنه بمعنى الصيرورة من قولهم : " شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها حربة " بمعنى صارت . ولا ريب أن المشرك جامع على نفسه الذم والخذلان لأنه بشركه يضيف بعض النعم الحاصلة في حقه من الله إلى غيره فيستوجب الذم بالكفران ويستحق الخذلان من حيث إنه لما فوض أمره إلى الشريك المعدوم أو العاجز الناقص بقى بلا ناصر ومعين . وأيضاً الكمال في الوحدة والنقصان في الكثرة ، فمثبت الشريك واقع في جانب النقصان فيورثه الذم والخذلان .

/خ40