فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا} (22)

{ لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً ( 22 ) .

ثم لما أجمل سبحانه أعمال البر في قوله وسعى لها سعيها وهو مؤمن أخذ في تفصيل ذلك مبتدئا بأشرافها الذي هو التوحيد فقال : { لاَّ تَجْعَل } الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والمراد به أمته تهييجا وإلهابا أو لكل مكلف متأهل له صالح لتوجيهه إليه .

وقيل التقدير قل لكل مكلف لا تجعل { مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ } النصب على جواب النهي ، أي لا يكن منك جعل فقعود ، ومعنى تقعد تصير من قولهم شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها حربة ؛ وإليه ذهب الفراء والزمخشري ، وليس المراد حقيقة القعود القابل للقيام .

وقيل هو كناية عن عدم القدرة على تحصيل الخيرات ، فإن السعي فيه إنما يأتي بالقيام والعجز عنه يلزمه أن يكون قاعدا عن الطلب .

وقيل إن من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادما مفكرا على ما فرط منه فالقعود على هذا حقيقة .

{ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً } ونصبها على خبرية تقعد أو على الحال ، أي من غير حمد وبغير ناصر فتصير جامعا بين الأمرين : الذم لك من الله ومن ملائكته ومن صالحي عباده ، والخذلان لك منه سبحانه ، أو حال كونك جامعا بينهما . وحاصل ما ذكر في هذه الآيات من أنواع التكاليف خمسة وعشرون نوعا بعضها أصلي وبعضها .