فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا} (22)

{ لاَ تَجْعَل مَعَ الله إلها آخَرَ } والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته ، تهييجاً وإلهاباً ، أو لكل متأهل له صالح لتوجيهه إليه ، وقيل : هو على إضمار القول ، والتقدير : قل لكل مكلف : لا تجعل ، وانتصاب { تقعد } على جواب النهي ، والتقدير : لا يكون منك جعل فقعود ؛ ومعنى { تقعد } : تصير ، من قولهم : شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها خربة ، وليس المراد حقيقة القعود المقابل للقيام ؛ وقيل : هو كناية عن عدم القدرة على تحصيل الخيرات ، فإن السعي فيه إنما يتأتى بالقيام ، والعجز عنه يلزمه أن يكون قاعداً عن الطلب ؛ وقيل : إن من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادماً مفكراً على ما فرط منه ، فالقعود على هذا حقيقة ، وانتصاب { مَذْمُومًا مَخْذُولاً } على خبرية تقعد أو على الحال : أي فتصير جامعاً بين الأمرين : الذم لك من الله ومن ملائكته ، ومن صالحي عباده ، والخذلان لك منه سبحانه ، أو حال كونك جامعاً بين الأمرين .

/خ24