تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا مَّخۡذُولٗا} (22)

الآية22 : وقوله تعالى : { لا تجعل مع الله إلها آخرا }( يحتمل وجوها :

أحدهما ){[10754]} : قد ذكرنا في ما تقدم أن النفي في مثل هذا الخطاب لرسوله ، وإن كان غير موهوم ذلك منه للعصمة التي عصمه ، فإنه غير مستحيل في ذاته لما ذكرنا أن العصمة إنما ينتفع بها مع النهي والأمر ؛ لأنه لولا الأمر والنهي ما احتيج إليها ، أو خاطبه به على إرادة على غير على ما يخاطب به ملوك الأرض الأقرب والأعظم والأخطر منهم دون خسائس الناس ورذالهم .

والثاني : أنه يخاطب كلا في نفسه ، ليس أن يخص رسوله بذلك . ولكن كل موهوم ذلك منه .

والثالث{[10755]} : يحتمل أن يخاطب به كل إنسان{[10756]} كقوله : { يا أيها الإنسان } ( الانفطار : 6و . . ) وقوله{[10757]} : { يا أيها الناس }( البقرة : 21و . . )ليس إنسان أحق بهذا الخطاب من إنسان . فعلى ذلك الأول .

والرابع : يحتمل ( أن ){[10758]}يخاطب رسوله/298-ب/ليعلم من دونه أن ليس لأحد ، وإن عظم قدره عند الله ، وارتفع محله ومنزلته محاباة في الدين ، لأن الرسل هم المكرمون على الله المعظمون عنده . فإذا لم ( يعف عنهم ){[10759]} في هذا لم يعف عمن{[10760]} دونهم .

ألا ترى أنه قال للملائكة : { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم }( الأنبياء/29 )وهم أكرم خلق الله حين{[10761]}وصفهم أنه { لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }( التحريم/6 ) فعلى ذلك الرسل . ألا ترى أنه قال على إثره : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } إلى قوله : { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما }( الإسراء : 23 )ومعلوم أن أبويه كانا ضالين ، فلا يحتمل أن يخاطب رسوله في قوله : { وقل رب ارحمهما }( الإسراء : 24 ) دل أنه خاطب به كل محتمل ذلك وموهوم .

وقوله تعالى : { فتقعد مذموما } أي ذليلا مقهورا ؛ لأن الخذلان هو ضد النصر والعون . ألا ترى أنه قال : { إن ينصركم }( آل عمران : 160 )ذكر الخذلان مقابل النصر ؟ فعلى ذلك قوله( { مخذولا } أي مقهورا ذليلا غير منصور ، والله أعلم .


[10754]:ساقطة من الأصل و.م.
[10755]:في الأصل و.م: و.
[10756]:ساقطة من الأصل و.م.
[10757]:في الأصل و.م: و.
[10758]:في الأصل و.م: أو يقول.
[10759]:في الأصل و.م: يعفوهم.
[10760]:في الأصل و.م: من.
[10761]:في الأصل و.م: حيث.