في الصحاح : ثقفته أي صادفته . وفي الكشاف ، الثقف وجود على وجه الأخذ والغلبة ، ومنه رجل ثقف أي سريع الأخذ لأقرانه قال :
فإما تثقفوني فاقتلوني *** فمن أثقف فليس إلى خلود
أمر في الآية الأولى بالجهاد بشرط إقدام الكفار على القتال ، وفي هذه الآية زاد في التكليف فأمر بالجهاد معهم سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا . واستثنى منه المقاتلة عند المسجد الحرام ، وسمي حراماً لأنه ممنوع أن يفعل فيه ما منع من فعله وأصل الحرمة المنع { من حيث أخرجوكم } أي من الموضع الذي أخرجوكم وهو مكة ، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن لم يسلم منهم يوم الفتح . أو أخرجوهم من منازلهم كما أخرجوكم من منازلكم ، وقد أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين من المدينة بل قال : " لا يجمع دينان في جزيرة العرب " والمراد بالإخراج تكليفهم الخروج قهراً أو تخويفهم وتشديد الأمر عليهم حتى اضطروا إلى الخروج { والفتنة } عن ابن عباس أنها الكفر بالله لأنه فساد في الأرض يؤدي إلى الظلم والهرج وفيه الفتنة . وأيضاً الكفر ذنب يستحق العقاب الدائم بالاتفاق والقتل ليس كذلك والكفر يخرج به صاحبه عن الأمة دون القتل . روي أن صحابياً قتل رجلاً من الكفار في الشهر الحرام فعابه المؤمنون على ذلك فنزلت . أن لا تستعظموا الإقدام على القتل في الشهر الحرام ، فإن إقدام الكفار على الكفر في الشهر الحرام أعظم من ذلك . وقيل الفتنة أصلها عرض الذهب على النار للخلاص من الغش ، ثم صار اسماً لكل محنة . والمعنى إن إقدام الكفار على تخويف المؤمنين وعلى تشديد الأمر عليهم حتى صاروا ملجئين إلى ترك الأهل والأوطان هرباً من إضلالهم في الدين وإبقاء على مهجهم وحرمهم ، أشد من القتل الذي أوجبته عليكم جزاء عن تلك الفتنة لأنه يقتضي التخلص ، من غموم الدنيا وآفاتها .
لقتل بحد السيف أهون موقعاً *** على النفس من قتل بحد فراق
وقيل : الفتنة العذاب الدائم الذي يلزمهم بسبب كفرهم ، فكأنه قيل : اقتلوهم حيث ثقفتموهم ، واعلموا أن وراء ذلك من عذاب الله ما هو أشد منه ، قال عز من قائل :
{ يوم هم على النار يفتنون } [ الذاريات : 13 ] وقيل : فتنتهم إياكم بصدكم عن المسجد الحرام لأنه سعي في المنع عن الطاعة التي ما خلق الجن والإنس إلا لها ، أشد من قتلكم إياهم في الحرم . وقيل : ارتداد المؤمن أشد من أن يقتل محقاً . فالمعنى وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ولو أتى ذلك على أنفسكم فإنكم إن قتلتم وأنتم على الحق كان ذلك أولى بكم من أن ترتدوا على أدباركم أو تتكاسلوا عن طاعة معبودكم . يروى أن الأعمش قال لحمزة : أرأيت قراءتك إذا صار الرجل مقتولاً فبعد ذلك كيف يصير قاتلاً لغيره ؟ فقال حمزة : إن العرب إذا قتل منهم رجل قالوا قتلنا ، وإذا ضرب منهم واحد قالوا ضربنا ، وذلك أن وقوع القتل في بعضهم كوقوعه فيهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.