ولما بين في الآية المتقدمة أن من كان عدواً لجبريل لأجل أنه نزل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وجب أن يكون عدواً لله تعالى ، بين في الآية التالية أن من كان عدواً لله وللمخصوصين بكرامته فإن الله يعاديهم وينتقم منهم . والعداوة بالحقيقة لا تصح إلا فينا لأن العدو للغير هو الذي يريد إنزال المضار به ، وهذا التصور يستحيل في حقه تعالى من العاقل المتفطن لا الغافل المتغابي . فمعنى قوله { من كان عدواً لله } أي لأولياء الله كقوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله }
[ المائدة : 33 ] { إن الذين يؤذون الله ورسوله } [ الأحزاب : 57 ] . أو يراد بذلك كراهتهم القيام بطاعته وبعدهم عن التمسك بدينه ، لأن العدو لا يكاد يوافق عدوه وينقاد لأمره . قال أهل التحقيق : عداوتهم لله وملائكته نتيجة عداوة الله لهم ونظره إليهم في الأزل بالقهر " هؤلاء في النار ولا أبالي " كما أن محبة المؤمنين لله نتيجة محبة الله إياهم
{ يحبهم ويحبونه } [ المائدة : 54 ] وذلك أن صفات الله تعالى قديمة وصفات الخلق محدثة ، والأولى علة الثانية . وأفرد الملكان بالذكر دلالة على فضلها كأنهما من جنس آخر ، فإن التغاير في الوصف قد ينزل منزلة التغاير في الذات ، ولأن الآية نزلت فيما يتعلق بهما فحسن أن ينص على اسميهما . وتقديم جبريل في الذكر يدل على أنه أفضل من ميكائيل وأيضاً أن جبريل ينزل بالوحي والعلم وذلك سبب بقاء الأرواح ، وميكائيل ينزل بالخصب والرزق وهو سبب بقاء الأبدان . والواو في جبريل وميكائيل بمعنى " أو " لأن عداوة أحد هؤلاء توجب عداوة الله كما أن عداوة كلهم توجب ذلك ، ويحتمل أن يكون الواو على الأصل ويعرف ما ذكرنا من القرينة . وقوله { للكافرين } من وضع الظاهر موضع المضمر دلالة على أن عداوة هؤلاء كفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.