غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

115

ولما حث رسوله على الأمور الدينية نهاه عن الميل إلى الزخارف الدنيوية فقال :

{ ولا تمدّن عينيك } أي نظر عينيك . ومد النظر تطويله استحساناً للمنظور إليه ، وفيه أن النظر الغير الممدود معفوّ عنه كما لو نظر فغض . وقال أبو مسلم : المنهي عنه في الآية ليس هو التطويل وإنما هو الأسف أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوا من حظ الدنيا . قال أبو رافع : نزل ضيف بالنبي صلى الله عليه وسلم فبعثني إلى يهوديّ يستقرضه فقال : لا أقرضه إلا برهن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأمين في السماء وإني لأمين في الأرض ، أحمل إليه درعي الحديد فنزلت . " والأزواج الأصناف . وقيل : أي أشكالاً وأشباهاً من الكفار لأنهم أشكال في الذهاب عن الصواب . وقد مر في آخر الحجر . ولقد شدد العلماء المتقون في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وملابسهم ومراكبهم لأنهم اتخذوها . قال جار الله : انتصب { زهرة } على الذم ، أو على تضمين متعنا بمعنى خولنا وأعطينا ، أو على إبداله من محل { به } أو على إبداله من { أزواجاً } والتقدير ذوي زهرة وهي الزينة والبهجة .

ومن قرأ بفتح الهاء فبمعناها أيضاً أو هي جمع زاهر كأنهم لصفاء ألوانهم وظهور آثار النعومة عليهم زاهر وهذه الدنيا بخلاف ما عليه المؤمنون الصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب . وقوله : { لنفتنهم } أي لنبلوهم كقوله : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم } [ الكهف : 7 ] وقيل : لعذبهم كقوله : { فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم } [ التوبة : 55 ] . وقال الكلبي ومقاتل : لنشدد عليهم في التكليف لأن الاجتناب عن المعاصي مع القدرة يكون أشق على النفس . { ورزق ربك } هو ثواب الآخرة أو ما رزقت من الإسلام والنبوّة { خير وأبقى } وقيل : أراد به الحلال الطيب الذي يحق أن ينسب إلى ربك خير من أموالهم التي غلب عليها الغصب والسرقة وسائر وجوه الخيانة ، وأبقى بركة ونماء وحسن عاقبة .

/خ115