غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأنبياء مكية حروفها أربعة آلاف وثمانمائة وتسعون كلمها ألف ومائة وثمان وسبعون آياتها مائة وست عشرة .

1

التفسير : قال جار الله : اللام في قوله { للناس } إما صلة لاقترب أو تأكيد لإضافة الحساب إليهم كقولك في أزف رحيل الحي أزف للحي الرحيل ، فيه تأكيد إن من جهة تقديم الحي ومن جهة إظهار اللام ، ثم تزيد تأكيداً آخر من جهة وضع ضمير الحي مضافاً إليه الرحيل ، موضع لام التعريف فيه فتقول : أزف للحي رحيلهم . والمراد اقترب للناس وقت حسابهم وهو القيامة كقوله { اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] فإذا اقتربت الساعة فقد إقترب ما يكون فيها من الحساب وغيره ، كأنه لما هدد في خاتمة السورة المتقدمة بقوله { فستعلمون } بين في أول هذه السورة أن وقت ذلك العلم قريب . فإن قيل : كيف وصف بالاقتراب وقد مضى دون هذا القول أكثر من سبعمائة عام فالجواب أن كل ما هو آتٍ قريب ، وإنما البعيد الذي دخل في خبر كان قال القائل : شعر

فلا زال ما تهواه أقرب من غد *** ولا زال ما تخشاه أبعد من أمس

على أنه لم يمض بعد يوم من أيام الله

{ وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون } [ الحج : 47 ] ومما يدل على أن الباقي من مدة التكليف أقل من الماضي قوله صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين " وقد وعد بعث خاتم النبيين في آخر الزمان ، وفي ذكر هذا الاقتراب تنبيه للغافلين وزجر للمذنبين . فالمراد بالناس كل من له مدخل في الحساب وهم جميع المكلفين . وما روي عن ابن عباس أن المراد بالناس المشركون فمن باب إطلاق اسم الجنس على بعضه بالدليل القائم وهو ما يتلوه من صفات المشركين من الغفلة والإعراض وغيرهما .

/خ20