غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (8)

1

وإنما خصت هذه السورة بقوله :{ فلما جاءها } وقد قال في " طه " و " القصص " { فلما أتاها } [ طه : 11 ] { نودي } لأنه كرر لفظ { آتيكم } ههنا بخلاف السورتين فاحترز من تكرار ما يقاربه في الاشتقاق مرة أخرى . و { أن } مفسرة لأن النداء فيه معنى القول لا مخففة من الثقيلة بدليل فقدان " قد " في فعلها . قال جار الله : معنى { بورك من في النار } بورك من في مكان النار ، ومن حول مكانها ، ومكانها البقعة التي حصلت النار فيها كما قال في القصص

{ نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة } [ القصص : 30 ] وسبب البركة حدوث أمر ديني فيها وهو تكليم الله إياه وإظهار المعجزات عليه . وقيل : معنى بورك تبارك ، والنار بمعنى النور أي تبارك من في النار وهو الله سبحانه مروي عن ابن عباس . وعن قتادة والزجاج أن من في النار هو نور الله ، ومن حولها الملائكة . وقال الجبائي : ناداه بكلام سمعه من الشجرة في البقعة المباركة وهي الشام فكانت الشجرة محلاً للكلام والمتكلم هو الله بأن خلقه فيها ، ثم إن الشجرة كانت في النار ومن حولها الملائكة . وقيل : من في النار هو موسى لقربه منها ، ومن حولها الملائكة . وفي الابتداء بهذا الخطاب عند مجيء موسى بشارة له بأنه قد قضي أمر عظيم تنتشر منه البركة في أرض الشام .

وفي قوله { وسبحان الله رب العالمين } تنزيه له عما لا يليق بذاته من الحدوث والحلول ونحوهما مما هو من خواص المحدثات ، وتنبيه على أن الكائن من جلائل الأمور التي لا يقدر عليها إلا رب العالمين .

/خ14