غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

43

قوله { ولولا أن تصيبهم } هي امتناعية وجوابها محذوف . والفاء في قوله { فيقولوا } للعطف على أن تصيبهم ، وقوله { لولا أرسلت } هي تحضيضية . والفاء في { فنتبع } جواب " لولا " ، وذلك أن التحضيض في حكم الأمر لأن كلاً منهما بعث على الفعل . والمعنى : ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا على ما قدّموا من الشرك والمعاصي هلا أرسلت إلينا رسولاً محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم . والحاصل أن إرسال الرسول لأجل إزالة هذا العذر . قال أصحاب البيان : القول هو المقصود بأن يكون سبباً لإرسال الرسل ، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول أدخلت عليها " لولا " وجيء بالقول معطوفاً عليها بفاء السببية تنبيهاً على أنهم لو لم يعاقبوا على كفرهم ولم يعاينوا العذاب لم يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولاً ، فالسبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير لا التأسف على ما فاتهم من الإيمان ، وفي هذا يبان استحكام كفرهم وتصميمهم . قال الجبائي : في الآية دلالة على وجوب اللطف وإلا لم يكن لهم أن يقولوا لولا أرسلت . وقال الكعبي : فيه دليل على أنه تعالى يقبل حجة العباد فلا يكون فعل العبد بخلق الله وإلا لكان للكافر أعظم حجة على الله تعالى . وقال القاضي : فيه إبطال الجبر لأن اتباع الآيات لو كان موقوفاً على خلق الله فأيّ فائدة في قولهم هذا . ومعارضة الأشاعرة بالعلم والداعي معلومة .

/خ70