فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

{ ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم } ( لولا ) هذه هي الامتناعية وأن وما في حيزها في موضع رفع بالابتداء ، أي ولولا إصابة المصيبة لهم ، وجوابها محذوف ، قال الزجاج : تقديره ما أرسلنا رسلا ، يعني أن الحامل على إرسال الرسل إليهم هو إزاحة عللهم ، فهو كقوله سبحانه { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } وقدره ابن عطية لعاجلناهم بالعقوبة ووافقه على هذا التقدير الواحدي ، فقال : والمعنى لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة بكفرهم ، قال السمين ولا معنى لهذا { فيقولوا } الفاء السببية { ربنا لو أرسلت إلينا رسولا } ( لولا ) هذه هي التحضيضية ، أي : هلا أرسلت رسولا من عندك وجوابها قوله { فنتبع آياتك } فلذلك نصب بإضمار أن .

أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الهالك في الفترة يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية والمراد بالآيات : الآيات التنزيلية الظاهرة الواضحة . وإنما عطف القول على ( تصيبهم ) لكونه هو السبب للإرسال ، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول ، وكان وجوده بوجودها ، جعلت العقوبة كأنها هي السبب للإرسال بواسطة القول ، قاله في الكشاف ، وأطال سليمان الجمل في بيان ذلك وذكر عبارة السمين ، والشهاب ، وغيرهما .

وقال أبو السعود : لولا قولهم هذا عند إصابة العقوبة لهم ، بسبب جناياتهم ، ما أرسلناك ، ولكن لما كان قولهم ذلك محققا لا محيد عنه ، أرسلناك قطعا لمعاذيرهم بالكلية { ونكون من المؤمنين } بهذه الآيات ، ومعنى الآية أنا لو عذبناهم لقالوا طال العهد بالرسل ولم يرسل الله إلينا رسولا ويظنون أن ذلك عذر لهم ، ولا عذر لهم بعد أن بلغتهم أخبار الرسل ، ولكنا أكملنا الحجة وأزحنا العلة ، وأتممنا البيان بإرسالك يا محمد إليهم .