{ إن الدين عند الله الإسلام } جملة مستأنفة مؤكدة للأولى . والدين في اللغة الجزاء ثم الطاعة . سميت ديناً لأنها سبب الجزاء . والإسلام في اللغة الانقياد والدخول في السلم أو في السلامة أو في إخلاص العبادة من قولهم : " سلم له الشيء " أي خلص له . والإسلام في عرف الشرع يطلق تارة على الإقرار باللسان في الظاهر ومنه قوله تعالى :{ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا }[ الحجرات : 17 ] ويطلق أخرى على الانقياد الكلي وهو المراد ههنا . وفيه إيذان بأن الدين هو العدل والتوحيد . أما التوحيد فأن يعلم أن الله تعالى لا شريك له ولا نظير في الذات ولا في صفة من الصفات كما شهد هو به ، وأما العدل فهو أن يعلم أن كل ما خلق وأمر المكلف به ونهاه عنه فإنه عدل وصواب وفيه حكم ومصالح ، فيأتمر بذلك وينتهي عنه ليكون عبداً منقاداً معترفاً بأنه تعالى قائم بالقسط . ومن قرأ بفتح " أن " فتقديره عند البصريين ذلك بدل من الأول ، بدل الكل فكأنه قيل : شهد الله أن الدين عند الله الإسلام فيكون من باب وضع الظاهر موضع المضمر كقوله :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء *** . . .
وقيل : تقديره شهد الله أنه لا إله إلا هو وأن الدين عند الله الإسلام . وقيل : شهد الله أنه لا إله إلا هو أن الدين عند الله الإسلام . لأن كونه تعالى واحداً يوجب أن يكون الدين الحق هو الإسلام ، لأن دين الإسلام مشتمل على هذه الوحدانية . وقرئ الأول بالكسر والثاني بالفتح على أن الفعل واقع على الثاني وما بينهما اعتراض . ثم ذكر أنه أوضح الدلائل وأزل الشبهات ، والقوم ما كفروا إلا لقصورهم وتقصيرهم فقال : { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب } قيل : هم اليهود واختلافهم أن موسى عليه السلام لما قرب وفاته سلم التوراة إلى سبعين رجلاً من الأحبار وجعلهم أمناء عليها واستخلف يوشع ، فلما مضى قرن بعد قرن اختلف أبناء السبعين بعد ما جاءهم التوراة بغياً بينهم وتحاسداً على طلب الدنيا .
وقيل : المراد النصارى واختلافهم في أمر عيسى عليه السلام بعد ما جاءهم العلم أنه عبد الله ورسوله . وقيل : المراد اليهود والنصارى واختلافهم هو أنه قالت اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى المسيح ابن الله . وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا : نحن أحق بالنبوة من قريش لأنهم أميون ونحن أهل كتاب . { إلا من بعد ما جاءهم العلم } أي الدلائل التي لو نظروا فيها لحصل لهم العلم . لأنا لو حملناه على العلم لزم نسبة العناد إلى جمع عظيم وهو بعيد قاله في التفسير الكبير . { ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب } لا يصعب عليه عدة أفعاله ومعاصيه وإن كانت كثيرة ، أو المراد أنه سيصل إلى الله سريعاً فيحاسبه أي يجازيه على كفره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.