ثم خلط الوعيد بالوعد والترهيب بالترغيب فقال : { يوم تجد } وفي عامله وجوه قال ابن الأنباري : وإلى الله المصير يوم تجد . وقيل : والله على كل شيء قدير يوم تجد ، وخص ذلك اليوم بالذكر وإن كان غيره من الأيام بمنزلته في قدرة الله تعالى تعظيماً لشأنه مثل { مالك يوم الدين }[ الفاتحة : 3 ] وقيل : انتصابه بمضمر أي اذكر . والأظهر أن العامل فيه { تود } والضمير في { بينه } لليوم أي تود كل نفس يوم تجد ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء محضراً أيضاً لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمداً بعيداً . والأمد الغاية التي ينتهي إليها مكاناً كانت أو زماناً . والمقصود تمني بعده كقوله :{ يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين }[ الزخرف : 38 ] ومعنى كون العمل محضراً هو أن يكون ما كتب فيه العمل من الصحائف حاضراً ، أو يكون جزاؤه حاضراً إذ العمل عرض لا يبقى . ثم إن لم يكن يوم متعلقاً ب { تود } احتمل أن يكون { تود } صفة
{ سوء } والضمير في { بينه } يعود إليه ، واحتمل أن يكون حالاً ، واحتمل أن يكون { ما عملت } مبتدأ من الصلة والموصول و { تود } خبره وهو الأكثر ، واحتمل أن يكون " ما " شرطية و { تود } جزاء له وهو قليل كقوله :
وإن أتاه خليل يوم مسغبة *** يقول لا غائب ما لي ولا حرم
وقراءة عبد الله { ودت } يحتملها على السواء إلا أن الحمل على الابتداء والخبر أوقع في المعنى لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم { ويحذركم الله نفسه } تأكيد للوعيد { والله رؤوف بالعباد } قال الحسن : ومن رأفته أن حذرهم نفسه وعرّفهم كمال علمه وقدرته ، وأنه يمهل ولا يهمل ، ورغبهم في استيجاب رحمته ، وحذرهم من استحقاق غضبه . ويجوز أن يراد أنه رؤوف بهم حيث أمهلهم للتوبة والتلافي ، أو هو وعد كما أن التحذير وعيد ، أو المراد بالعباد عباده المخلصون كقوله :{ عيناً يشرب بها عباد الله }[ الدهر : 6 ] كما هو منتقم من الفساق ومحذرهم نفسه فهو رؤوف بالعباد المطيعين والمحسنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.